وثانيهما : ما ذكره بعض الأعلام مفصّلاً من الأنواع المختلفة لتعارض أكثر من الدليلين والصور العديدة لكلّ نوع منها ، ولكنّه أيضاً لا طائل تحته بعد قبول عدم انقلاب النسبة مطلقاً كما هو الحقّ.
الفصل الرابع : في ترتيب المرجّحات
هل تعتبر مراعاة الترتيب بين المرجّحات أو لا؟ وعلى فرض لزومها أيّتها تتقدّم وأيّتها تتأخّر؟ فيه ثلاثة أقوال :
١ ـ ما ذهب إليه صاحب الكفاية ، وهو عدم اعتبارها بناءً على القول بالتعدّي من المزايا المنصوصة وإناطة الترجيح بالظنّ أو بالأقربية إلى الواقع ، فإن حصل أحدهما في جانب فهو المتقدّم ، وإن حصل في كليهما فيتخيّر.
نعم ، لو قيل بالاقتصار على المزايا المنصوصة فلها وجه.
٢ ـ ما ذهب إليه شيخنا الأعظم والمحقّق النائيني رحمهالله من لزوم مراعاة الترتيب. فإنّ المرجّحات على ثلاثة أقسام : المرجّحات السندية وهى ما ترجع إلى أصل الصدور كالشهرة وأعدليّة الراوي أو أوثقيته ، والمرجّحات الجهتية وهى ما ترجع إلى جهة الصدور ، أي التقيّة وعدمها ، كمخالفة العامّة ، والمرجّحات المضمونيّة ، وهى ما ترجع إلى المضمون كموافقة الكتاب ، فقال شيخنا الأعظم رحمهالله بتقديم الأوّل على الثاني والثالث ، وقال المحقّق النائيني رحمهالله بتقديم الأوّل على الثاني ، والثاني على الثالث (١).
٣ ـ ما ذهب إليه المحقّق الوحيد البهبهاني رحمهالله ، وهو لزوم تقديم المرجّح الجهتي على الصدوري ، فلو كان أحد المتعارضين مخالفاً للعامّة وكان الآخر موافقاً للشهرة قدّم ما يخالف العامّة.
أقول : لابدّ من البحث أوّلاً على ما يقتضيه القواعد الأوّلية ، ثمّ على ما يستظهر من الروايات الخاصّة الواردة في باب المرجّحات ، وكلمات القوم هنا مضطربة.
__________________
(١) راجع فوائد الاصول : ج ٤ ، ص ٧٨٠.