وقالوا أنّ اللازم على المجتهد إراءة النصوص الشرعيّة إلى العوام لكي يعملوا بها مباشرة وبدون واسطة ، كما كان ذلك ديدن القدماء من الأصحاب إلى « نهاية » شيخ الطائفة رحمهالله ، فقد كانت كتبهم الفتوائية متلقّاة من كلمات المعصومين ومتّخذة من نفس العبارات الواردة في الأخبار بعد تنقيحها وتهذيبها وعلاج التعارض بينها.
أقول : لا يخفى أنّ هذا النزاع أشبه بالمناقشة اللفظية أو مغالطة واضحة ، حيث إنّ اعطاء النصوص والأخبار بأيدي العوام بعد حلّ تعارضها وتهذيب إسنادها وتخصيص عمومها بخصوصها وتقييد مطلقها بمقيّدها وغير ذلك ممّا لابدّ منه في مقام استخراج الأحكام ليس أمراً وراء الاجتهاد من جانب الفقيه ، والتقليد من جانب العوام ، والقائلون بجواز التقليد لا يريدون شيئاً وراء هذا.
والكتب المشار إليها أيضاً من هذا القبيل ، نعم هى خالية غالباً عن تفريع الفروع ، وأين هذا من عدم اجتهادهم في بيان اصول الأحكام؟
أمّا المجتهد المطلق فقد عرّف بأنّه من له ملكة يقتدر بها على إستنباط جميع الأحكام الشرعيّة الفرعيّة.
والتعريف بالملكة لا ينافي ما مرّ سابقاً من « أنّ الاجتهاد عبارة عن المعنى المصدري أو اسم المصدري للاستراج والاستنباط ، فيكون أمراً فعلياً لا بالقوّة » لأنّ الكلام هنا في المتّصف بهذه الصفة والمشتقّ منها ، أي عنوان « المجتهد » ( لا « الاجتهاد » ) ولا يخفى أنّ المبدأ في مثل هذه العناوين والمشتقّات أخذ على نحو الملكة لا على نحو الفعلية بعنوان الملكة ، فإنّ قيام المبدأ بالذات على أنحاء مختلفة كما قرّر في محلّه في بحث المشتقّ.
والمجتهد المتجزّي عبارة عن ، من له ملكة يقدر بها استنباط بعض الأحكام الشرعيّة الفرعيّة فقط.
وحينئذٍ يقع البحث في جهتين :
الجهة الاولى : في أحكام المجتهد المطلق.