مقام العمل ، كما أنّه كذلك في الاحتياط بالجمع بين القصر والإتمام في الصّلاة والصيام.
ثانيهما : كون المورد من الموارد التي لا يمكن فيها تحصيل الحدّ الأقل من الحجّة بسهولة ، وإلاّ ففي غير هذين الموردين يجب عليه ترك الاحتياط وإظهار الفتوى.
لا ريب في جواز عمل المجتهد برأيه في أعماله ، لشمول الخطابات الشرعيّة وأدلّة الأمارات المعتبرة والاصول العمليّة له ، فبعد ثبوتها عنده يجب العمل على طبقها ، بل يكون تقليده لغيره حراماً ، لأنّه على الفرض يرى المخالف له في فتواه جاهلاً ومخطئاً ، أي قامت الحجّة عنده على أنّ ما يقوله المخالف ليس حكم الله ، فكيف يرجع إليه ويلتزم بفتواه في مقام العمل؟ نعم إذا كان قادراً على الاستنباط ولم يستنبط فالمعروف هنا أيضاً حرمة تقليده للغير ، لكنّه لكن لا يخلو عن إشكال كما ذكرنا في محلّه.
وأمّا عمل الغير باجتهاده وفتاويه فقد ذهب الأخباريون من أصحابنا إلى عدم جوازه ، وسيأتي في أحكام التقليد بيان بطلانه وضعفه ، وعدم التزام الأخباري أيضاً به في العمل ، والمشهور جوازه ، بل ادّعى صاحب الفصول أنّه إجماعي بل ضروري ، وهو غير بعيد كما سيأتي.
وفصّل المحقّق الخراساني رحمهالله بين ما إذا كان المجتهد إنفتاحياً فيجوز تقليده ، وبين ما إذا كان انسدادياً فلا يجوز ، واستدلّ على عدم الجواز في الانسدادي بما حاصله : أنّ رجوع الغير إليه ليس من رجوع الجاهل إلى العالم بل إلى الجاهل ، أضف إلى ذلك أنّ أدلّة جواز التقليد إنّما دلّت على جواز رجوع غير العالم إلى العالم ، وأمّا مقدّمات الانسداد الجارية عند الإنسدادي فمقتضيها حجّية الظنّ في حقّ نفسه دون غيره ، إذ لا ينحصر المجتهد بالانسدادي فقط ، هذا كلّه على تقدير الحكومة ، وأمّا بناءً على الكشف فإنّه وإن ظفر المجتهد الانسدادي بناءً عليه بحكم الله الظاهري من طريق كشف العقل عنه ، ولكن يبقى الإشكال الثاني على قوّته ، أي لا دليل على جريان مقدّمات الانسداد بالنسبة إلى غيره مع وجود المجتهد الانفتاحي.
أقول : وللنظر في كلامه مجال من جهات شتّى :