الإسلاميّة شريعة سهلة وسمحة.
الثانية : أنّ مردّ هذه السببيّة إلى السببيّة المعتزلية في انقلاب الواقع وتبدّله لأنّنا إذا افترضنا قيام مصلحة في سلوك الأمارة التي توجب تدارك مصلحة الواقع فالإيجاب الواقعي عندئذٍ تعييناً غير معقول » (١).
أقول : أمّا الإشكال الأوّل فهو عجيب فإنّ مصلحة التسهيل هى نفس المصلحة السلوكيّة ومصداق بيّن منها ، فلولا هذه المسألة لما أمر الشارع بسلوك هذه الطرق.
وأمّا الثاني فالجواب عنه ظاهر بعد ما عرفت من أنّ مصلحة التسهيل هى من المصالح السلوكيّة ، فما يجاب عن هذه المصلحة هو الجواب في أشباهها. وبعبارة أوضح : ليست المصلحة السلوكيّة في عرض مصلحة الواقع ، فإنّ المصالح الواقعيّة إنّما هى مصالح في أفعال المكلّفين ، وأمّا المصلحة السلوكيّة فإنّما هى مصلحة في سلوك هذا الطريق بقصد الوصول إلى الحكم الواقعي ، فيكون أحدهما في طول الآخر ، ولا معنى للتخيير حينئذٍ.
وفيه يبحث أيضاً عن مسألة العدول عن مجتهد إلى آخر ، من حي إلى حي أو من ميّت إلى حي لاشتراك المسألتين في الأدلّة ، وهو بحث مبتلى به كثيراً ، ويطرح تارةً بالنسبة إلى المجتهد نفسه في العمل برأيه ، واخرى بالنسبة إلى مقلّديه.
كما أنّ الكلام فيه تارةً يقع في العبادات واخرى في المعاملات بالمعنى الأخصّ ، كما إذا اشترى داراً بالبيع الفضولي أو المعاطاة ، ثمّ تبدّل رأيه إلى بطلانه ، وثالثة في المعاملات بالمعنى الأعمّ ، كما إذا تزوّج بالعقد الفارسي ، ثمّ تبدّل رأيه وذهب إلى إشتراط العربية ، أو كان قائلاً في باب الرضاع باعتبار أكثر من عشر رضعات في حصول المحرميّة فتزوّج بمن إرتضعت من امّه عشر رضعات ، ثمّ تبدّل رأيه وذهب إلى كفايتها في حصول المحرميّة ، أو كان قائلاً في باب النجاسات بعدم نجاسة عرق الجنب عن الحرام ، وفي باب الطهارة بعدم اعتبار عصر الثوب في
__________________
(١) المحاضرات : ج ٢ ، ص ٢٧١ ـ ٢٧٣.