للعدول ، وهذا بخلاف ما إذا قلنا أنّ التقليد هو الاستناد إلى فتوى المجتهد في مقام العمل ، لأنّه حينئذٍ لم يتحقّق منه تقليد المجتهد ليحرم عليه العدول بل لا يكون رجوعه لغيره عدولاً من مجتهد إلى مجتهد آخر (١).
ولكن يرد عليه : أنّ هذا إنّما يتمّ لو كان دليل الجواز على البقاء على تقليد الميّت أو العدول من حي إلى آخر هو معاقد الإجماعات المشتملة على لفظ التقليد ، ولكن قد عرفت في السابق وسيأتي مشروحاً إن شاء الله أنّه ليس كذلك ، فهذه الثمرة أيضاً ساقطة.
ويقع البحث فيه في ثلاث مقامات :
لا إشكال في أنّه لابدّ من أن يكون العامي مجتهداً في خصوص هذه المسألة التي لا مؤونة لاستنباطها واجتهادها ، فإنّ لزوم رجوع الجاهل إلى العالم أمر إرتكازي لجميع العقلاء ، وسيأتي أنّ المهمّ والعمدة في باب التقليد إنّما هو بناء العقلاء ، وما يشاهد من أنّهم يكتبون في إبتداء رسائلهم العمليّة من أنّه لابدّ للعامي أن يجتهد في خصوص هذه المسألة فهو لمجرّد تقريب الذهن وإرشاد العامي.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّه استدلّ لجواز التقليد بامور أربع :
الأمر الأوّل : ( وهو العمدة في المسألة ) سيرة العقلاء في جميع أعصار وأنحاء العالم وجميع الصنائع والتجارات والزراعات والعلوم المختلفة البشريّة كعلم الطب وشعبه المتفاوتة ( طبّ الإنسان وطبّ الحيوان وطبّ النبات ) وغيره من سائر العلوم ، بل جميع المجتهدين والمتخصّصين للعلوم البشريّة يكون تخصّصهم واجتهادهم في فنون طفيفة معدودة ، وأمّا بالإضافة إلى سائر الفنون والحرف فيكونون مقلّدين ، فالمجتهد في علم الفقه مثلاً يقلِّد الأطباء
__________________
(١) التنقيح : ج ١ ، ص ٨١ ـ ٨٢.