الجاهل وغير العالم في مقابل العالم لا العالم في مقابل الأعلم ، وذلك لمكان التعبير بـ « ما لم تعلم » الظاهر في الجاهل لا في العالم بالنسبة إلى الأعلم منه.
فتلخّص أنّ جميع الروايات التي استدلّ بها في المقام غير تامّة دلالة أو سنداً ، وهكذا الإجماع ، بل التامّ إنّما هو بناء العقلاء وهو أيضاً لا يقتضي وجوب تقليد الأعلم مطلقاً بل مقتضاه هو التفصيل الآتي ذكره.
المختار في المسألة هو التفصيل بين صور أربعة :
الصورة الاولى : ما إذا علم تفصيلاً بالخلاف كما إذا ذهب أحدهما إلى وجوب صلاة الجمعة والآخر إلى حرمتها أو عدم وجوبها.
ففي هذه الصورة لا ريب في وجوب تقليد الأعلم ، ومن البعيد جدّاً شمول كلمات القائلين بجواز تقليد غير الأعلم لهذه الصورة.
الصورة الثانية : صورة العلم بموافقتهما تفصيلاً.
والظاهر عدم وجود محذور عن تقليد غير الأعلم في هذه الصورة لأنّ المفروض أنّ عمل المقلّد حينئذٍ مطابق للحجّة على أيّ حال ، إنّما الكلام في لزوم إستناده إلى خصوص قول الأعلم ، ولا إشكال في عدم لزومه بعد العلم بموافقتهما معاً ، مضافاً إلى أنّ بناء العقلاء أيضاً على عدم ترجيح رأي الأعلم في هذه الصورة لعدم فائدة فيه ، كما هو واضح.
الصورة الثالثة : ما إذا علمنا إجمالاً بوجود الخلاف بينهما في ما يتبلي به من المسائل.
وفيها أيضاً لا إشكال في وجوب تقليد الأعلم لأنّ العلم الإجمالي المزبور يوجب عدم شمول إطلاقات الحجّية لمثل هذه الموارد وإنصرافها عنها ، ولا أقلّ من إجمالها ، والقدر المتيقّن حينئذٍ هو الرجوع إلى الأعلم ، كما أنّ سيرة العقلاء أيضاً ترجيح الأعلم في هذه الموارد على الظاهر.
الصورة الرابعة : ما إذا شككنا في وجود الخلاف وعدمه.
والإنصاف جواز تقليد غير الأعلم في هذه الصورة ، والدليل عليه جريان سيرة العقلاء عليه كما نشاهده بالوجدان ، وإلاّ لانسدّت أبواب الأطبّاء غير الأعلم وغيرهم من خبراء