سائر الفنون والحرف لأنّه لا ريب في أنّ الشكّ في الخلاف موجود على الأقل في غالب الموارد.
هذا مضافاً إلى أنّه لا مانع لشمول إطلاقات الحجّية لغير الأعلم في هذه الموارد لأنّه لا موجب لإنصرافها.
إن قلت : التمسّك بالإطلاقات والعمومات في ما نحن فيه يكون من قبيل التمسّك بالعام في الشبهات المصداقيّة للمخصّص لأنّا نعلم بتخصيص هذه العمومات بموارد العلم بالمخالفة.
قلنا : إنّ دائرة الدليل المخصّص في المقام تكون في موارد العلم بالاختلاف لا موارد الاختلاف في الواقع ، فإنّ الدليل على التخصيص هو سيرة العقلاء ، وهى مختصّة بموارد العلم بالخلاف لا موارد الخلاف واقعاً سواء علمنا بها أو لم نعلم ، ولا إشكال في أنّ عدم جواز التمسّك بالعام في الشبهات المصداقيّة للمخصّص خاصّ بما إذا كان المستثنى من عموم العام بدليل المخصّص هو العنوان الواقعي لا العنوان المقيّد بالعلم.
إن قلت : الشبهة في المقام حكميّة ولا يجوز التمسّك بالعمومات في الشبهات الحكميّة إلاّ بعد الفحص.
قلنا : إنّ الشبهة في ما نحن فيه موضوعيّة لا حكميّة ، لأنّه لا شكّ لنا في حكم الله الكلّي فإنّا نعلم على نحو كلّي بأنّه يجوز التقليد إلاّفي موارد العلم بالخلاف ، وإنّما الشكّ في تحقّق موضوع الخلاف وعدمه خارجاً.
بقي هنا شيء :
قد مرّ أنّ المعيار فيه هو شدّة القوّة والقدرة على إستخراج الأحكام الشرعيّة من أدلّتها إجمالاً ، ولا إشكال في أنّ معرفة هذا ليس مشكلاً لأهل الخبرة ولو كانوا في المراتب التالية بالنسبة إلى المجتهد محتمل الأعلميّة ، وهذا ما ندركه بوجداننا العرفي ، فمن كان له معرفة بقواعد الشعر وموازينه مثلاً يقدر على أن يعيّن بعض الشعراء المعروفين ممن هو أقوى من هذه الناحية ، أو شاعر متوسّط له حظّ من هذه الملكة وكذلك نرى أبنية كثيرة في غاية الاستحكام والجودة ، ونرى فرقاً كثيراً بينها وبين أبنية اخرى لا يرى فيها هذه المزيّة ، ونعلم قطعاً أنّ المعمارين في القسم الأوّل كانوا أقوى وأعلم وأكثر خبرة وأحسن ذوقاً من المعمارين في القسم