ومع قطع النظر عن هذا يكون المورد من موارد العلم بالاشتغال الذي يقتضي البراءة اليقينيّة فإنّ الاشتغال بالصلاة في الوقت مقطوع ولا تحصل البراءة إلاّبالقطع بالإمتثال.
وثانيهما : ما رواه الشهيد رحمهالله في الذكرى قال : قال النبي صلىاللهعليهوآله : « دع ما يريبك إلى ما لا يريبك » (١) ، ولكّنها مرسلة لا يمكن الاعتماد عليها.
هذا تمام الكلام في أدلّة الأخباريين من ناحية السنّة.
وممّا استدلّ به الاخباريون وجوب الاحتياط في الشبهات التحريميّة سواءً من إعترف منهم بحجّية العقل في الجملة ، أو من مال منهم إلى العقل ، وتقريبه من وجوه ثلاثة :
الوجه الأوّل : العلم الإجمالي بوجود محرّمات كثيرة فعليّة في جملة المشتبهات فتتنجّز تلك المحرّمات بواسطة العلم الإجمالي ، والمعلوم بالإجمال هنا من قبيل الكثير ، في الكثير ، فيجب الاحتياط في جميع المشتبهات حتّى يحصل العلم بالفراغ.
وأجاب عنه : جميع المحقّقين بأنّ العلم الإجمالي هذا ينحلّ بواسطة قيام الأمارات على المحرّمات الكثيرة في أطراف المعلوم بالإجمال بعد الفحص عن الأدلّة.
وإستشكل على هذا الجواب أوّلاً : بأنّه يعتبر في إنحلال العلم الإجمالي الاتّحاد زماناً بين حصول العلم الإجمالي وحصول العلم التفصيلي بالمقدار المعلوم كما سيأتي وجهه في مبحث الاشتغال ، وهذا ليس حاصلاً في المقام لأنّ العلم التفصيلي يوجد بعد الفحص عن الأدلّة.
ولكن يرد عليه : أنّ التقارن والاتّحاد الزماني حاصل في المقام لأنّنا في نفس زمان العلم الإجمالي بوجود محرّمات كثيرة في المشتبهات نعلم بوجود إجماعات وروايات وآيات توجب العلم التفصيلي بتلك المحرّمات وانحلال ذلك العلم الإجمالي.
وثانياً : بأنّ العلم الإجمالي ينحلّ بالعلم التفصيلي لا الظنّ التفصيلي ، بينما الحاصل بظواهر الكتاب وخبر الواحد إنّما هو الظنّ.
ويندفع هذا الإشكال أيضاً بأنّ الموجب للانحلال إنّما هو قيام حجّة تفصيلية سواء
__________________
(١) وسائل الشيعة : الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، ح ٥٦.