مولويته إلى العبد في ما قبل الشرع فلا يكون فعل العبد خروجاً عن زيّ العبوديّة فيكون الأصل هو الإباحة.
أقول : هذا الكلام أيضاً غير تامّ لأنّ المولويّة والمالكيّة وصفان مختلفان ، فالعبد الذي يخرج إلى السفر بدون إذن المولى تارةً يركب مثلاً على مركب المولى ويخرج إلى السفر ، واخرى يركب على مركب غيره ، ففي كلتا الحالتين خرج عن زي عبوديّة المولى ، لكنّه في الحالة الاولى فعل معصية اخرى ، وهو الخروج عن مالكيّة المولى ونقض مالكيته أيضاً.
وبعبارة اخرى : أنّ للمولى مالكيّة على العبد ولازمها حرمة الخروج إلى السفر بدون إذنه ، ومالكيّة على الفرس ولازمها حرمة الركوب على فرسه بدون إذنه ، فكذلك في ما نحن فيه ، فكما أنّ العبد مملوك لله تعالى كذلك الرياحين والفواكه أيضاً مملوكة له ويكون التصرّف فيها تصرّفاً في ملك الغير بدون إذن ، فلكلّ واحد من هذين حكمه ولا يندكّ أحدهما في الآخر. وبعبارة اخرى : أنّ الله تعالى مالك للعباد وتنشأ من هذه المالكيّة وظائف الرقّية والعبوديّة ، فهو مولى وهذا عبد ، ومالك لما سوى العباد تنشأ منه حرمة التصرّف فيها بغير إذنه ولا ربط لأحدهما بالآخر.
الوجه الثالث : ـ من الوجوه العقليّة ـ حكم العقل بلزوم دفع الضرر المحتمل ، وقد تقدّم تفصيل الكلام فيه.
والجواب عنه : بأنّه لو كان المراد من الضرر الضرر الاخروي فلا صغرى لهذه القاعدة لورود قاعدة قبح العقاب بلا بيان عليها ، وإن كان المراد الضرر الدنيوي ففي كثير الموارد لا يكون الضرر الدنيوي ملاك الحكم ، فاحتمال الضرر لا يكون موجباً للزوم دفعه ، هذا أوّلاً.
وثانياً : أنّ هذه القاعدة إرشاد من ناحية العقل كأوامر الطبيب فلا ينشأ منها حكم مولوي.
تنبيهات أصالة البراءة :
وينبغي التنبيه على امور :
إنّ أصالة البراءة كسائر الاصول الحكميّة يشترط في جريانها عدم وجود أصل