فيقع البحث في ثلاث مقامات ، وهو في الأوّلين كبروي وفي الثالث صغروي.
أمّا الأوّل : ( وهو حسن الاحتياط ) فلا إشكال ولا ريب في حسنه عقلاً وشرعاً في الجملة ولم يخالف فيه أحد.
وأمّا الثاني : فالمسلّم عند المحقّق الخراساني رحمهالله وجماعة من الأعاظم ترتّب الثواب على الاحتياط ، ولكنّه عندنا محلّ إشكال لأنّ الثواب يتصوّر في الأوامر المولويّة ، وأمّا الأوامر الإرشادية التي منها الأمر بالاحتياط فما يترتّب عليها إنّما هو المصلحة المرشد إليها لا غير.
وبعبارة اخرى : أنّ الاحتياط في الواقع نحو من الإنقياد الذي يقابل التجرّي ، ولا إشكال في أنّ الإنقياد والتجرّي متساويان في ترتّب الثواب والعقاب وعدمه ، فكما أنّ التجرّي لا يترتّب عليه العقاب بناءً على المختار في محلّه ، كذلك الإنقياد فلا يترتّب عليه الثواب وإلاّ يلزم في صورة الإصابة ترتّب ثوابين وهو مقطوع العدم كما في باب التجرّي بالنسبة إلى ترتّب عقابين.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إذا احتاط العبد احتراماً للمولى وتعظيماً لأوامره المحتملة فإنّه يستحقّ الثواب بعنوان آخر من باب التعظيم والاحترام كما أنّه في باب التجرّي لو قصد العبد بفعله هتك حرمة المولى ترتّب عليه العقاب بلا إشكال ، ولكنّه أمر آخر غير ترتّب الثواب على الإنقياد بما هو الإنقياد وترتّب العقاب على التجرّي بما هو التجرّي الذي هو محلّ البحث.
وهنا كلام للمحقّق العراقي رحمهالله يدّعي فيه ظهور طائفة من الأخبار الواردة في المقام في المولويّة وترتّب الثواب على الاحتياط من هذه الناحية ، نعم يعترف في الغاية بعدم استفادة الاستحباب المولوي النفسي منها نظراً إلى بعد الاستحباب النفسي عن مساق تلك الأخبار ، بل المستفاد منها إنّما هو الاستحباب المولوي الطريقي ، وإليك نصّ كلامه : « إنّ الأخبار الواردة في المقام على طوائف :
منها : ما يشتمل على عنوان الاحتياط كقوله عليهالسلام : أخوك دينك فاحتط لدينك ، وقوله عليهالسلام : إذا أصبتم بمثل هذا فعليكم بالاحتياط.
ومنها : ما يشتمل على عنوان المشتبه ، وهذه الطائفة على صنفين : أحدهما : ما يكون