الصفة فعلية في هذه المرتبة فإن وافق الواقع نسب إليه الدعوة وكان إنبعاثاً عنه وإمتثالاً له بالعرض وإلاّ فلا ، بل كان محض الإنقياد كما في صورة القطع طابق النعل بالنعل » (١).
أقول : وما قد يقال في الفرق بين صورتي القطع والاحتمال من « أنّ القطع يكون طريقاً للواقع فإذا طابق الواقع كان الانبعاث من الواقع في الحقيقة ولكن الاحتمال لا طريقيّة له » (٢) قابل للدفع ، فإنّ الاحتمال وإن لم يكن طريقاً إلى الواقع بالمعنى المعروف في الاصول في باب الطرق ، ولكنّه ناظر إلى الواقع ، فلو طابق الواقع كان الباعث في الحقيقة هو الواقع ، وهذا أمر ظاهر بالوجدان ، فمن احتمل قدوم بعض أخويه من السفر فاستقبله فأصاب احتماله الواقع كان المحرّك له إلى الإستقبال في الحقيقة قدوم أخيه لا غير ، فكأنّه وقع الخلط بين الطريقيّة بمعنى الحجّية ، والطريقيّة بمعنى النظر إلى الخارج.
لمّا كان الكلام في تصحيح العبادة الاحتياطيّه وتقدم أن أحد الطرق لذلك أخبار من بلغ ، كان المناسب بسط الكلام في مفاد هذه الأخبار ومغزاها وما يترتّب عليها من الأحكام.
فنقول ومنه جلّ ثنائه التوفيق والهداية : يقع الكلام فيه في مقامين :
يمكن عنوان المسألة بصورتين :
الاولى : عنوانها كمسألة اصوليّة ، بأن يقال : هل الأخبار الضعاف في المستحبّات في حكم الأخبار الصحاح في الواجبات أو لا؟ وهذا ما يعبّر عنه بالتسامح في أدلّة السنن ، ولا يخفى أنّها حينئذٍ مسألة اصوليّة لأنّه يبحث فيها عن الحجّية وعدمها.
والثانية : عنوانها كقاعدة فقهيّة بأن يقال : هل الخبر الدالّ على ترتّب ثواب على عمل يدلّ بالاژلتزام على استحباب ذلك العمل شرعاً أو لا؟ وهذا بحث فقهي حيث يبحث عن
__________________
(١) نهاية الدراية : ج ٢ ، ص ٢١٧ ، الطبع القديم.
(٢) تهذيب الاصول : ج ٢ ، ص ٢٣٠ ، طبع جماعة المدرّسين.