الحسن الفعلي كونه أمراً قربيّاً ، ومن الحسن الفاعلي كون الداعي والباعث على الإتيان بالعمل هو الله تعالى بأيّ صورة كانت.
وفيه ثلاثة وجوه :
الأوّل : ما هو المشهور وهو البراءة مطلقاً.
الثاني : الاحتياط مطلقاً.
الثالث : التفصيل بين ما إذا كان المطلوب في الحرام مجموع التروك من حيث المجموع بحيث لو أتى به في زمان أو مكان دفعةً واحدة لم يمتثل أصلاً فلا تجري البراءة ، وبين ما إذا كان المطلوب فيه تروكاً متعدّدة بحيث يكون كلّ ترك مطلوباً مستقلاً ( كالنهي عن الخمر أو الكذب ) فيقتصر في الترك على الأفراد المعلومة ، وأمّا المشكوكة فتجري البراءة عن حرمتها.
واستدلّ للقول الأوّل : تارةً بالبراءة العقليّة ، واخرى بالبراءة الشرعيّة.
أمّا البراءة العقليّة : فالمعروف جريانها في الشبهات الموضوعيّة أيضاً لقاعدة قبح العقاب بلا بيان.
لكن الإنصاف أنّه مشكل لأنّ وظيفة الشارع بما هو شارع ليس إلاّبيان الكبريات ، وقد بيّنها ووصلت إلى المكلّف حسب الفرض ، وإنّما الشكّ في الصغرى وهى كون هذا المائع الخارجي مثلاً ممّا ينطبق عليه متعلّق الحرمة وهو الخمر أم لا ، ومن المعلوم أنّ المرجع في إزالة هذه الشبهة ليس هو الشارع فلا يتحقّق حينئذٍ موضوع القاعدة وهو عدم البيان ، فلا تجري القاعدة بل على المكلّف إزالة هذا النوع من التردّد والاشتباه.
قد يقال : إنّ المراد من البيان في هذه القاعدة هو العلم ، وعدم العلم صادق في المقام ، ولكنّه مجرّد دعوى عهدتها على مدّعيها لأنّه لا دليل على كون قبح العقاب بلا علم مطلقاً وفي جميع الموارد من المستقلاّت العقليّة.
وقال المحقّق النائيني رحمهالله بما حاصله : إنّ مردّ قاعدة قبح العقاب بلا بيان إنّما هو قبح العقاب بلا علم لأنّ العقل حاكم على أنّ المجهول لا يمكن أن يكون باعثاً ومحرّكاً للمكلّف ولا