والظاهر على الأعضاء آثاره وباستنارته وظلمته تظهر محاسن الظن ومساويه ، إذ كلّ إناءٍ يترشّح بما فيه.
وهو الذي إذا عرفه الإنسان فقد عرف نفسه ، وإذا عرف نفسه فقد عرف ربّه ، وإذا جهله جهل نفسه ، واذا جهل نفسه فقد جهل ربّه.
وهو الذي جهله أكثر الناس وغفلوا عن عرفانه ، وحيل بينهم وبينه بمعاصيهم والحائل هو الله ، فإنّه يحول بين المرء وقلبه ، وينسى الإنسان نفسه ويضلّه ولا يهديه. ولا يوفّقه لمشاهدته ومراقبته ومعرفة صفاته ، فمعرفة القلب وأحواله وأوصافه أصل الأخلاق وأساس طريق الكمال.
والقلب لطيفة ربّانيّة روحانيّة لها تعلّق بالبدن شبه تعلّق الأعراض بالأجسام ، أو تعلّق المستعمل بالآلة ، أو المكين بالمكان.
والروح أيضاً عبارة عن هذه اللطيفة الربّانيّة العالمة المدركة ، وهو أمر عجيب ربّانيّ يعجز العقول عن إدراك كُنهه.
والنفس أيضاً هي اللطيفة المذكورة ، وهي الإنسان في الحقيقة ، وتتّصف بأوصاف مختلفة بحسب أحوالها ، فإذا سكنت تحت أمر الله وزال عنها الاضطراب لثقتها بالله ولم تتزلزل ولم تضطرب ولم تنحرف عن سبيل الله وطريق الحقّ عند معارضة الشهوات سمّيت بـ « النفس المطمئنة ». وإذا لم يتمّ سكونها ولكن كانت مدافعةً عن نفسها معارضةً مع ما تقتضيه شهواتها سمّيت بـ « النفس اللّوامة ». وإن أذعنت وأطاعت للشهوات ودواعي الهوى والشياطين سمّيت بـ « النفس الأمّارة بالسوء ».
ثمّ إنّ طريق تسلّط
الشيطان على القلب : الحواس الخمس الظاهرة والقوى الباطنة : كالخيال والشهوة والغضب. فالقلب يتأثّر دائماً من هذه الجهات ، وأخصّ