الدّرس الثّاني
في محاسبة النّفس ومراقبتها
قال تعالى : ( وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ).(١) المخاطب المأمور ، هو الإنسان أمر بالنظر إلى أعماله التي تحصّلها وتقدّمها أمامه لآخرته ، ولازمه النظر إلى من تصدر عنه الاعمال ومعرفته وهو نفسه أيضاً ، فالناظر : النفس باعتبار قوّتها العاقلة المدركة المميّزة بين الحقّ والباطل ، الداعية إلى الصلاح والسعادة ، والمنظور إليه أيضاً ذاتها باعتبار صفاتها وغرائزها الداعية إلى الانحراف عن الحقّ واتّباع الهوى والشهوات ، والأمر للارشاد ، فأرشد الله تعالى نفس كلّ إنسان إلى النظر في نفسها وما هي عليه من العقائد والملكات والأعمال ، فإنّ جميع ذلك ممّا يقدّمه الإنسان لآخرته ، إيماناً أو كفراً ، فضيلةً أو رذيلةً ، طاعةً أو عصياناً ، والجامع لجميعها سعادةً أو شقاوةً ، ولا يكون النظر إلّا ممّن عرف ذلك كلّه ، أصولها وفروعها ، وعلم بما هو النفس واجدةً له أو فاقدةً ، وهذه هي المحاسبة للنفس ، وتُنتج ذلك القيام بإصلاحها
____________________________
١) الحشر : ١٨.