للخلافة ، كما كان الأمر في عهد البويهيين .
ولهذا كان لهاتين السلطتين أثر في دعم الجامعة النجفية ، واهتمامهم بها كمصدر للإشعاع العلمي المعبّر عن علم أهل البيت عليهم السلام .
وذهبت بعض المصادر إلى أنّ المدة التي عاشتها الجامعة النجفية في دورها الثاني هو من عام ٧٥٠ ـ ١١٥٠ هـ ، غير أنّ الدلائل تشير الى أنّ العهد بدأ في عهد المقدس الأردبيلي الذي هو من أعلام القرن العاشر الهجري ، وحتى نهاية القرن الثاني عشر ، حيث إنتقلت الى كربلاء نتيجة عوامل عديدة أهمها بروز مدرسة الوحيد البهبهاني ، المولى محمد باقر بن محمد أكمل المتوفى عام ١٢٠٨ هـ ، وتصفها المصادر بأنّها افتتحت عصراً جديداً في تاريخ العلم ، والتي اكتسبت الفكر العلمي في العصر الثاني الاستعداد للانتقال الى عصر ثالث (١) .
وعاشت هذه المدرسة قرابة السبعين عاماً ، وهي تكاد تفتح آفاقاً جديدة في الكيان العلمي الكربلائي ، كان له صدى حافل بالاكبار والتقدير .
الثالث ـ وهو ـ كما تصفه المصادر ـ عصر الكمال العلمي وهو العصر الذي افتتحته في تاريخ العلم المدرسة الجديدة التي ظهرت في أواخر القرن الثاني عشر على يد الأستاذ الوحيد البهبهاني ، وبدأت تبني للعلم عصره الثالث بما قدمته من جهود متضافرة في الميدانين : الاُصولي والفقهي .
وقد تمثلت تلك الجهود في أفكار وبحوث رائد المدرسة الاُستاذ الوحيد وأقطاب مدرسته الذين واصلوا عمل الرائد حوالي نصف قرن حتىٰ استكمل العصر الثالث خصائصه العامة ووصل الى القمة (٢) .
وعادت النجف الى ميدانها العلمي كمركز أول ـ من بعد هذه الفترة ـ للحركة العلمية التي تمثل مدرسة الوحيد البهبهاني على يد تلميذه السيد محمد مهدي
___________________________
(١) المرحوم الشهيد السيد محمد باقر الصدر ـ المعالم الجديدة : ٨٤ ـ ٨٥ الطبعة الأولى .
(٢) الشهيد الصدر ـ المصدر السابق : ٨٨ .