المادة لا يثبت الاطراد ، حتى يكون دليلاً على وضعها لمطلق من تلبس بالمبدأ ؛ بل لا بدّ في ثبوته من إحراز جواز استعمالها في المعنىٰ المفروض في سائر جزئياتها الاضافية أيضاً بأن علم بكون القائل ، والقاتل ، والناصر ، وغير ذلك من الجزئيات الإضافية مستعملة في من تلبس بمبادئها ، حتى يثبت اطراد استعمال تلك الهيئة الكلية في المعنى المذكور في جميع مواردها ، ومصاديقها ، فعلى هذا كان ينبغي أن يمثّل لذلك بزنة الفاعل ، لا بالعالم ، ويقال : إنّ استعمالها في المعنى المذكور مطّرد في جميع مواردها ، ومصاديقها من الجزئيات الإضافية .
نعم لو كان مذهبه ما اختاره الشيخ محمد تقي (١) قدّس سرّه ـ من أن الموضوع في المشتقات كلّ واحد من الجزئيات الإضافية ، والموضوع له فيها من تلبس بمبدَأ خاص من مبادئها المخصوصة ـ لكان التمثيل متّجهاً ، إلّا أنّ الظاهر انفراد الشيخ المذكور قدّس سرّه بهذا المذهب ، وموافقة السّيد للمشهور .
وأمّا على الثاني : فلأنّ الذي ينبغي التمثيل به ، إنّما هو لفظ العلم ، لا العالم ، لأنّ مادّة العلم الموجودة في ضمن العالم ، مورد واحد من موارد استعمال لفظ العلم ، فلا يكفي ثبوت الاطّراد في مورد خاص منه بالنسبة إلى مصاديق ذلك المورد ، فإن تلك المادّة في ضمن تلك الهيئة الخاصة ، اي هيئة العالم ، جزئيّ من الجزئيات الإضافية لمادّة العلم المطلقة ، فحينئذ كان ينبغي أن يمثّل بلفظ العلم ، ويدّعي ثبوت الاطراد فيه باعتبار استعماله في مطلق الاعتقاد الجازم ، الأعمّ من الاعتقاد المتعلق بالمسائل الفقهية ، او الاُصوليّة ، ومن اعتقاد غيرها ، في ضمن كلّ واحد من الهيئات ، ومجرّداً أيضاً ، وبالنسبة إلى كل واحد من المعلومات ، سواء كانت من المسائل الفقهية ، او الاُصوليّة ، أو العربية ، أو غيرها ، مع أنّ هذا بهذا التوجيه أيضاً خارج عن مورد الاطراد على التحقيق ، لما قد عرفت من أنّه فيما إذا علمنا بعدم وضع اللّفظ لخصوص مورد من الموارد ، وإنّما شككنا في وضعه للمعنى العام وعدمه ، ولا ريب أنّ الشك في كون لفظ العلم موضوعاً لمطلق الاعتقاد الجازم ، أو للاعتقاد الجازم بمسائل صناعة خاصة ، يرجع إلى أن الموضوع هو الكلّي ، أو الفرد الخاصّ منه ، فيكون شكاً في وضع اللّفظ للمورد الخاص ، وعدمه .
ومن هنا ظهر خروج مطلق المورد عن محل الاطراد ، وعدمه ، لأنّ الشك في
___________________________
(١) هداية المسترشدين : ٢٦ ، في تقسيم الوضع باعتبار الموضوع .