الجمع ، بما يعبر به عن المعنى الحقيقي ، وهو صيغة الفعل بضمتين في الأوّل ، وصيغة الفعل بضم الأوّل وكسر (١) الثاني في الثاني ، كما إذا اُريد بالحمار جمع من البليد ، فيقال رأيت حُمُراً مثلاً ، وكذلك الأسد إذا اُريد به جمعاً من الرجل الشجاع ، فيقال رأيت اُسُداً يرمون مثلاً .
ومن الطرق العلمية التزام التقييد : أي لزوم تقييد اللّفظ بقيد عند استعماله في المقيد ، بحيث لا يجوز الاستعمال بدون ذلك القيد ، فذلك علامة كون المطلق أي اللّفظ مجرداً عن القيد مجازاً في المقيد ، ومورده ما إذا علم بوضع اللفظ المطلق لمعنى ، لكن يشك في أنّ المعنى الموضوع له اللفظ المجرد ، هل هو المعنى المباين للمعنى المبحوث عنه ؟ أو هو الأعمّ الشامل له ؟ فحينئذ يرجع إلى استعمالات أهل اللسان ومحاوراتهم ، فإذا علم أنّهم لا يستعملونه في المعنى المبحوث عنه ، إلّا مع اقترانه بذلك القيد ، فيكشف ذلك عن مجازية المطلق في المعنى المذكور ، وأنّ الذي وضع له هو المعنى المباين له ، ومثّلوا لذلك بجناح الذّل ، ونار الحرب ، وممّن مثّل له بهما العضدي ، والحاجبي ، والعلّامة في محكي النهاية .
واعترض عليهم بعض المهرة بوجهين :
أحدهما : في التمثيل بالمثالين ، وهو منع التزام التقييد فيهما ، لقوله تعالى « كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ » (٢) ، فإنّه دليل على جواز قول القائل ، أوقد العدو ناراً بحرب ، فأطفأ الله تلك النار ، ولقوله تعالى « وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣) » .
وثانيهما : أنّه لا بد في المجاز من القرينة ، وهي لا تسمى قيداً ، وحاصل هذا الوجه أنّ هذا ليس عنواناً آخر غير عنوان الاحتياج إلى القرينة ، فينبغي التعبير حينئذ بالتزام القرينة ، لا التقييد ، لأنّ القرينة لا تسمى قيداً في الاصطلاح .
نقول : الظاهر بقاء الوجه الأوّل من الاعتراض على حاله ، وأنّ التمثيل بهما ليس في محلّه ، لكنه لا يقدح في المدّعى ، وهو كون التزام التقييد علامة المجازية المطلق في المقيد ، حيث أنّ المنع في الوجه المذكور راجع إلى الصغرى ، أي كون المثالين من أفراد تلك الكبرى المدعاة .
وأمّا الوجه الثاني : فيمكن الجواب عنه ، بأنّ الظاهر أنّ المراد بالتقييد التقييد
___________________________
(١) لم نعثر على هذا الجمع والذي عثرنا عليه هو بضم الثاني أو بسكونه .
(٢) سورة المائدة : آية ، ٦٤ . |
(٣) سورة الشعراء : آية ، ٢١٥ . |