لا يقال : إنّ المراد بالبيت حين إضافة السقف إليه ، إمّا أن يكون تمامه بجميع أجزائه التي منها السقف ، وإمّا أن يكون المراد الأجزاء الباقية غير السقف ، لكن الأوّل ممتنع ، للزوم إضافة الشيء إلى نفسه ، فإنّ إضافة السقف إلى جميع أجزاء البيت يلزمه إضافته إلى السقف أيضاً ، لأنّ هذا الجزء أعني السقف مباين للأجزاء الباقية ، فيثبت المطلوب ويرتفع الإيراد .
لأنّا نقول : إنّ المحذور مسلم على الفرض الأوّل ، إذا لوحظ جميع أجزاء البيت باللحاظ التفصيلي ، وأمّا إذا لوحظت على نحو الإجمال فلا ، لتغاير السقف المضاف للسقف المراد حينئذ ، لأنّ الثاني ملحوظ إجمالاً ، والأوّل تفصيلاً ، ولا ضير .
والحاصل : إنّ البيت موضوع لمعنى بسيط ذهني مركب خارجي ، لأنّ الألفاظ الموضوعة للمركبات الخارجية ، قد وضعت لها بلحاظ وحدتها الاعتبارية ، فحينئذ تكون المعاني المركبة الملحوظة حال الوضع مباينة لأجزائها ، فيصير كل معنى مركب بالنسبة إلى جزئه كالمتباينين ، بل متباينين .
فان قلت : إنّ هذا رجع بالأَخَرة إلى دفع الإيراد ، وإثبات أن الإضافة تفيد التباين بين المعنيين ، فيكون ذلك دفعاً لصورة التوجيه .
قلنا : إنّ الثمرة المذكورة مبنيّة على المغايرة والمباينة الحقيقية ، ولا يجدي فيها المباينة الاعتبارية ، وحاصل ما ذكر في دفع الجواب عن الإيراد على القسم الثاني ، فتأمل حتى تفهم (١) .
ومن الطرق العلميّة صحّة التقسيم : فإنّها علامة علميّة على كون القسمين فردين للمقسم ، في مقابل من يزعم اختصاص وضع المقسم بأحدهما ، هذا إذا علمنا بأنّ التقسيم باعتبار المعنى الحقيقي ، كما إذا راجعنا العرف ، فسألناهم عن أقسام الماء حقيقة ، فقسموه إلى ماء سيل ، والى غيره ، فنقطع أنّ ماء السيل أيضاً من أفراد المعنى الحقيقي للماء .
وأمّا إذا كان إحراز كون التقسيم على وجه الحقيقة بالأصل ، كما إذا رأينا العرف يقسمون الماء إلى ماء السيل وغيره ، ولم نعلم أنّه باعتبار المعنى الحقيقي أو الأعم ، فحينئذ حكمنا بكون التقسيم للحقيقة تمسكاً بأصالة الحقيقة الراجعة إلى أصالة عدم
___________________________
(١) هكذا ، والظاهر أن في العبارة سقطاً .