عند العقلاء من أهل اللسان ، بحيث يقبح مبادرته إلى حمل الكلام على أحد المعنيين ـ اندفع الإيراد ، كما لا يخفى .
نعم مجرّد الحسن بمعنى الراجح ، ولو مع جواز تركه عند العرف لا يدلّ على شيء من الاشتراكين ، ولعل مراد المستدل هو الأوّل ، دون الثاني .
هذا ، وقد يعرف كل من الحقيقة والمجاز باُمور أُخرى غير منضبطة يمكن إرجاعها إلى بعض ما ذكرنا ، فلا نطيل الكلام بذكرها لوضوحها في أفهام الناظرين ، والله الهادي إلى الحق اليقين .
المقام الثاني : في علائم الحقيقة والمجاز عند الشك في المراد مع العلم بالوضع ، والمقصود هنا البحث عما يعوّل عليه في استكشاف مرادات المتكلم من الطرق العلميّة ، أو الظنّية المعتبرة ، لكن الاُولى لعدم انضباطها ، واختلافها باختلاف أحوال المتكلم ، مقامات الكلام ، وتفاوت أذهان السامعين ، ونحوها من الخصوصيات التي لا يكاد يعقل دخولها تحت ضابط قانوني ، بخلاف طرق العلم بالأوضاع كما ظهر ، لم يتعرض لها القوم .
وأمّا الثانية أعني الطرق الظنية ، فهي ما بين ما يفيد الظن بأصل الحقيقة ، أو بتعينه ، أو الظن بأصل المجاز ، أو بتعينه بعد العلم به في لفظ واحد ، أو في لفظين ، ويتعلق به كثير من مباحث تعارض الأحوال المشتملة عليها كتب القوم .
والكلام في الكل تارة في الظن الذي قام القاطع على اعتباره ، واُخرى في كل طريق ظني ، وقد اشتهر في الألسنة ـ حتى كاد أن يلحق بالضروريات ـ اعتبار الظنون اللفظية في جميع المقامات المشار إليها ، وقد يعبّر عنها بالاصول اللفظية وسنشير إليها عن قريب .
وأمّا اعتبار مطلق الظنون لفظية كانت أو غير لفظية ، فلم نقف على قائل به من باب دليل خاص نقلي أو عقلي ، وإن كان بعض عبارات المحقق القمي ( قدس سره ) ظاهراً في ذلك إلّا أنّه يمكن تأويله (١) .
وكيف كان ، فالظاهر مضافاً إلى أنّه يكفي في عدم الاعتبار عدم ثبوته ، انعقاد الإجماع على بطلان ذلك .
نعم القول باعتبار مطلق الظن هو مُجد في المقام الأوّل ، أعني تشخيص
___________________________
(١) القوانين : ٣٥ .