الأوضاع ، لكنه في المقام مجمع على بطلانه ظاهراً .
ويتفرّع على ذلك أن تعيين المراد من المجملات العرفية ـ كالحقائق المحفوفة بالقرائن الصارفة خاصة ، والمشتركات اللفظية العارية عن قرائن التعيين ، أو المطلقات المراد بها مقيدات مخصوصة معينة واقعية ، غير معلومة في الظاهر ـ بمثل الشهرة ، والمناسبات الذوقية ـ على ما هو المعهود المتعارف عند القصار ـ من أهل المكاشفة والاستحسان ، من توجيه الأحاديث المشكلة التي ليست لها متفاهم عرفي ، ببعض الوجودات المبنية على ما عقد عليه قلوبهم جهلاً ، أو ظنّاً من المبادي الذوقية الفاسدة ، خروج عن المنهج القويم ، وميل عن الصراط المستقيم .
نعم يتّجه القول بحجية مطلق الظنون التي لم يقم دليل على عدم اعتباره ، كالقياس ، بناء على ثبوت انسداد باب العلم بالأحكام الشرعية ، فإنّ الظن بمرادات الشارع حينئذ حجة ، من حيث كونه ظنّاً بالحكم الشرعي ، فيخرج عن المقام الذي هو الاعتداد بالظن المطلق في المرادات من الحقائق والمجازات وكيف كان ، فالمهم في المقام صرف الكلام إلى الظنون التي قام القاطع على اعتبارها بالخصوص ، وهي منحصرة بحسب الاستقراء في ظنون ترجع جلّها إلى ظواهر الألفاظ في متفاهم أهل اللسان ، وقد تسمّى بالاصول اللفظية ، كما مرّ وهي كثيرة :
منها : أصالة الحقيقة عند عدم القرينة ، ويراد بها وجوب حمل اللفظ على إرادة معناه الحقيقي ، إذا علم بتجرده عن القرائن الصّارفة ، واستدل عليها بوجوه :
الأول : ما ذكره العلامة في محكي النهاية (١) والتهذيب (٢) من توقف حصول
___________________________
(١) نهٰاية الوصول مخطوط : ٢٣ ، وإليك نصّه :
البحث التاسع : في أنّ المجاز على خلاف الاصل قد عرفت غير مرّة من أنّ فائدة الوضع إعلام الغير ما في الضمير باللّفظ الموضوع للمعنى فإذن الأصل الحقيقة تحصيلاً لفائدة الوضع ، ولأنّها لو لم تكن أصلاً لكان إمّا أن يكون المجاز هو الأصل أو لا واحدٌ منهما بأصل ، والقسمان باطلان ، أمّا الأوّل فبالاجماع ، وبانه مناف للحكمة ، فانه من الممتنع أن يضع الواضع لفظاً لمعنى ليكتفى به في التعبير عنه ليكون استعماله فيما لم يوضع له أصلاً في تلك اللغة ، وأمّا الثاني فلأنّه يحصل حينئذٍ التردّد ويختلّ الفهم ، ويصير كلام الشرع مجملاً بين حقيقته ومجازه ، وكذا جميع ما ينطق به العرب لتردّد تلك الألفاظ بين حقائقها ومجازاتها ، فكان لا يحصل الفهم اِلا بعد الاستكشاف .
(٢) تهذيب الاصول للعلامة الحلّي ( قده ) واليك لفظه :
البحث التاسع في أنه على خلاف الأصل وإلّا لما حصل التفاهم حالة التخاطب .