المذكور أصلاً ، لابتنائه على التعبد بغير العلم ، من دون داع إليه ، وغرض صحيح يقتضيه ، وقد عرفت وجودهما في المقام .
هذا ، ثم إنّه بقي الكلام في أنّ اعتبار أصالة الحقيقة من جهة أصالة عدم الغفلة ، أو أصالة عدم القرينة ، على القول بها مطلقاً ، أو بأحد من التفاصيل المتقدمة ، هل هو على الإطلاق ، ومن باب الظن النوعي بالمعنى الأعم الشامل لصورة الظن بالخلاف إلى أن يعلم بالقرينة على المجاز ، أو من باب الظن النوعي بالمعنى الأخص المختص بغير صورة الظن بالخلاف الشامل لصورة الظن بالوفاق ، ولصورة الشك بالمعنى المتعارف ، أو من باب الظن الشخصي بالمعنى المعروف .
الأكثرون على الأوّل ، لكنّهم بين قولين ، فالأكثر منهم على ذلك فيما إذا [ لم ] (١) يكتنف الكلام بشيء يصلح لكونه قرينة اعتمد عليها المتكلم ، وأراد المجاز ، كما في المجاز المشهور ، فإنّ الشهرة ـ المكتنف بها اللفظ ـ تصلح لاعتماد المتكلم عليها ، وإرادة المجاز ، وكذلك الجمل المتعقبة بقيد يصلح لرجوعه إلى الجميع ، أو إلى الأخير خاصّة ، فإنّ المشهور في أمثال المقام عدم حمل اللفظ على حقيقته بناء على عدم القرينة .
ثمّ المشهور منهم التوقف ، وعدم حمله على المجاز أيضاً ، وبعضهم حمله على المجاز ، كأبى يونس ، والقول الآخر المقابل لقول الأكثر قول أبي حنيفة حيث إنّه حمل اللفظ على حقيقته حينئذ أيضاً .
وكيف كان ، فقد عرفت الكلام مفصّلاً في المجاز المشهور ، ومن الأكثرين الذاهبين إلى التوقف حينئذ الشيخ محمد تقي (٢) ( قدّس سرّه ) وشيخنا الاُستاذ (٣) دام ظلّه .
والمحكي عن أكثر المحققين كما في المفاتيح اختيار الثاني ، أي الظن النوعي بالمعنى الأخص ومنهم المحقق الثاني في جامع المقاصد ، والمقدس الأردبيلي في مجمع الفوائد ، وصاحب المعالم ، وصاحب الرياض على ما حكى عنهم في المفاتيح (٤) فإنّ صاحب المفاتيح ( قدّس سرّه ) نسب إليهم القول بالظن النوعي
___________________________
(١) زيادة يقتضيها السّياق .
(٢) أنظر هداية المسترشدين : ٤٠ ، ٤٦ ، ٧١ ، إلّا أنه قدس سره قائل بالتوقف في بعض الصّور من أقسام المجاز الراجح .
(٣) فرائد الأصول : ٤٥ .
(٤) مفاتيح الأصول ٣٣ ، ٣٤ .