تخصيص ، وهو الوطء ، لأنّ المشترك إذا كان أحد معنييه مستلزماً لتخصيص ، ونحوه من الامور المخالفة لأصل الحقيقة تعيّن الآخر .
أقول : لا يختصّ الإجمال في لفظ النكاح ، حينئذ بالمعقود عليها من دون وطء ، بل مقتضى الاشتراك إجماله في كلا المعنيين .
فإن قيل إنّ إرادة الوطء منه معلومة .
قلنا فعدم إرادة العقد معلوم أيضاً ، لعدم جواز استعمال المشترك في معنييه .
وثانيهما : قول القائل جمع الأمير الصاغة ، إذا اُريد به صاغة البلد ، وشكّ في أنّه عام مخصّص بصاغة البلد ، أو مشترك بين العموم والخصوص .
وفي كل من المثالين نظر : أما الأوّل ؛ فلما ذكره بعض السادة (١) المحققين ، من أنّ النكاح في اللغة حقيقة في الوطء خاصّة ، وفي الشرع حقيقة في العقد خاصّة ، فأين احتمال الاشتراك ، ولو احتمل بقاء وضعه للمعنى اللغوي ، مع ثبوت حقيقته في العقد شرعاً ، فيدور الأمر بين الاشتراك والنقل ، فأين هذا من الدوران بين الاشتراك والتخصيص .
وفيه : انّا نختار الفرض الثاني ، أعني احتمال بقاء وضع اللفظ للمعنى الأصلي ، لكن قوله : فأين احتمال التخصيص ممنوع ، فإنّ النقل لا ينافي التخصيص ، بل يمكن معه تصوّر دوران الأمر بين الاشتراك والتخصيص أيضاً ، كما إذا كان المعنى الثاني عامّاً مع إرادة بعض الأفراد منه ، كما في المثال المذكور ، فيلزم التخصيص على فرض النقل ، فيدور الأمر بين الثلاثة ، لكن محل البحث إنّما هو دوران الأمر بين الاشتراك والتخصيص ، وإن كان التخصيص لازماً للنقل ، لكن الكلام من جهة النقل غير منظور إليه .
وكيف كان ، مع احتمال بقاء الوضع للمعنى الأوّل يتصوّر الدوران بين
___________________________
(١) ولعله السيد الكاظمي ( قدس سره ) في المحصول ( مخطوط ) في تعارض الأحوال ـ السادسة بين الاشتراك والتخصيص ـ فانّه بعد ذكره للآية الشريفة بعنوان أنه قد اشتهر التمثيل لذلك بقوله تعالى « وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم » أورد على الاستدلال بها للمقام بما هذا نصّه : ( وفيه أنّ الحقيقة الشرعية متى ثبتت تعيّن النقل ، سواء قلنا إنّ الوضع فيها بطريق التعيّن أو التعيين ، وإن لم تثبت تعيّن حمله على المعنى اللغوي ، على أن هذا تعارض بين النقل والاشتراك ، أقصى ما هناك أنّه على النقل لا بدّ من اعتبار التخصيص ، ثم نقول : إن ثبت النقل في الشريعة ، وبطل احتمال الاشتراك ـ كما هو الظّاهر ـ فلا تعارض ، وإن لم يثبت تعيّن الحمل على المعنى اللغوي ـ كما هو الضّابط ـ ولا تعارض .