منها : ما يفيد القطع كتنصيص الواضع ، والنقل المتواتر ، أو نقل الواحد المحفوف بقرائن قطعية .
ومنها : ما يفيد الظن كنقل الآحاد الغير المحفوف بالقرائن ، والعلائم المعروفة التي سيجيء ، تفصيلها من التبادر ، وعدم صحة السلب ، وغيرهما من العلائم .
أمّا الطائفة الاولى فالنزاع فيها صغروي ، إذ بعد إحراز صغرياتها لا يعقل المنع من العمل بها .
وأمّا الطائفة الاخرى فالنزاع فيها كبروي راجع إلى حجيتها وعدمها بعد إحرازها ، ولمّا كان بيان حال الصغريات في الطائفة الاولى موكولاً إلى ملاحظة الخصوصيات اللاحقة للموارد الشخصية ، ولم تكن لمعرفتها ضابطة كلية يرجع إلَيها ، لاختلافها باختلاف الموارد والأشخاص ، إذ ربما يطلع أحد على التواتر ، أو تنصيص الواضع ، أو القرائن القطعية ، ولم يطلع عليها غيره ، فلم يكن للتعرض لها مجال فيما نحن فيه من المقام المعدّ لبيان كلية يعول عليها في الموارد الشخصية ، ولذلك فلنعرض عنها فنوجّه الكلام ونسوقه إلى الطائفة الثانية .
ولنقدّم الكلام في القسم الأوّل منها ، وهو نقل الآحاد ، وقبل الشروع في الاستدلال ، وذكر الأقوال لا بد من تحرير محل النزاع .
فنقول : إن اللفظ الذي ينقل وضعه الآحاد ، إمّا من موضوعات الأحكام الشرعية الكلية كألفاظ الكتاب والسنة ، وإما من موضوعات الامور الخارجية المتضمنة للأحكام الشرعية الجزئية ، كالألفاظ الواردة في مقام الأقارير والدعاوي وأمثالهما ، كما إذا أقر أحد لآخر بشيء ، ولم نعلم مراده من جهة الاشتباه والشك في وضع اللفظ الدال على المقرّ به ، كأن أقرّ بأن لزيدٍ عندي ديناراً مثلاً ، ثم عبّر عنه بمقدارٍ من الدرهم لا ندري أن الدينار موضوع لهذا المقدار ، أو لأزيد منه ، فترجمه أحد بمقدار ناقلاً أن الدينار موضوع في لغة العرب لكذا .
وعلى التقديرين ، الناقل للوضع ، إمّا أن يكون جامعاً لشرائط حجية الخبر ، المقررة في بحث خبر الواحد ، أو لا يكون فيكون الصور أربعاً .
إحداها وهي ـ ما إذا كان الناقل جامعاً
لشرائط الحجية وكان اللفظ الذي ينقل وضعه من موضوعات الأحكام الشرعية الكلية ـ خارجة عن محل النزاع فيما نحن فيه هنا ، لأن البحث عن خبر الواحد يغني عن البحث فيها بخصوصها هنا ، لأن أدلة حجية