وكيف كان ، فقد مثل للدوران في تلك المسألة بقوله صلّى الله عليه وآله ( في خمس من الإبل شاة ) (١) ، فإنّ كلمة في إن كانت مشتركة بين الظرفية والسببية ، كما عن الكوفيين ، صارت الرواية مجملة ، من حيث دوران الواجب في زكاة الإبل بين مقدار الشاة أو نفس الشاة ، وإن كانت مختصّة بالظرفية ومجازا في السببية ، كما عن البصريين ، فيتعيّن كون الواجب هو مقدار قيمة شاة من خمس من الإبل ، فيلزم الإضمار بتقدير المقدار ، وقد صرّح بعض المحققين على ما حكي عنه بأنّه على تقدير الاشتراك لا إجمال ، بل المراد به حينئذ هو نفس الشاة .
ولعلّ نظره إلى ما تقرّر في محلّه ، من أنّه إذا كان حمل المشترك على أحد معنييه مستلزماً لمخالفة أصلٍ ، فذلك الأصل يرجّح المعنى الآخر الموافق له ، ولمّا كان حمل كلمة في على الظرفية مستلزماً للاضمار ، لعدم معقوليّة الظرفية الحقيقية ، إذ مقتضاها كون الشاة في خمس من الإبل بعنوان الظرفية والمظروفية ، وهو غير معقول ، فلا بد من إضمار المقدار المخالف للأصل .
هذا بخلاف ما لو حملت على السببية فإنّها حينئذ سليمة عما ذكر ، فيكون معنى الحديث أنّه تسبب خمس من الإبل شاة ، فيكون الواجب هو نفس الشاة لا قيمتها المتعلقة بخمس من الإبل بعنوان المالية المشاعة وهذا جيد .
ثم إنّه تظهر الثمرة فيما إذا باع واحدا من الأباعير ، فعلى إرادة الظرفية ، فالزكاة متعلقة بنفس الأباعير ، فلو لم يكن المشتري عالماً بالحال ثمّ اطلع عليه ، فله أن يفسخ البيع لخروج بعض المبيع ، ولو إشاعة مستحقاً للغير أعني الفقراء .
وكيف كان ، فقد اختلفوا في المقام ، فقال العلّامة ( قدّس سرّه ) في التهذيب (٢) على ما حكي عنه ، الاضمار أولى من الاشتراك ، لاختصاص الإجمال ببعض الصور في الإضمار وعمومه في الاشتراك ، وقد عرفت ما في هذا النحو من الاستدلال على الترجيح .
مضافا إلى عدم تماميّته في نفسه ، فإنّه إن أراد بعموم الإجمال في المشترك عمومه بالنسبة الى ما لم يقم قرينة التعيين فهو مسلّم .
___________________________
(١) عوالي اللاۤلي ٢ : ٢٢٩ ، ٥ ، وسنن ابن ماجة ١ : ٥٧٣ ، حديث ١٧٩٨ .
(٢) تهذيب الوصول إلى علم الاصول : ١٦ ، الفصل الثامن في تعارض الأحوال عند قوله : ج : الاضمار أولى من الاشتراك لاختصاص الاجمال في بعض الصّور في الإضمار وعموميّته في الاشتراك .