يكن الشك في النقل مسبباً عن الشك في المجازية ، والا فمعه أصالة الحقيقة واردة على أصالة عدم القرينة ، بناء على كونها من الظنون الاجتهادية ، لا أصلاً تعبدياً .
قال السيد صاحب المفاتيح (١) ( قدس سره ) على ما حكي عنه بتقديم الاضمار للغلبة .
وفيها منعها إن لم نقل بتعكيس الغلبة ، بأن يقال الغالب النقل .
لكن الانصاف التوقف من حيث الغلبة ، لعدم تحققها في شيء من الجانبين .
وأما الاصول ، فهي لتعارضها ، وإن اقتضت التساقط ، إلا أن الشك في الاضمار مسبب عن الشك في النقل ، فبأصالة عدمه يثبت الاضمار ، ومثال ذلك : قوله تعالى ( وَحَرَّمَ الرِّبَا ) (٢) فان الربا لغة الزيادة وقد استعمل في لسان الشارع في العقد المشتمل عليها ، فنشك في أن استعماله في نفس العقد على سبيل الحقيقة في لسان الشارع تعييناً أو تعيناً أو أنه مجاز ، فيكون مقتضاه الحمل على معناه اللغوي عند التجرد عن القرينة ، فعلى ثبوت النقل لا يلزم مخالفة لظاهر نسبة ( حرّم ) فان ايقاع العقد من الافعال القابلة لتعلق التكليف به ، وعلى عدم ثبوته ، وحمل اللفظ ـ أعني لفظ ( الربا ) ـ على نفس الزيادة يلزم إضمار من الأخذ وغيره من الأفعال المناسبة للمقام .
وربما نوقش في المثال بأن المراد ـ على تقدير بقائه على المعنى الأول ـ لا يلزمه إضمار أيضاً ، لان نسبة الأحكام إلى الاعيان كقوله تعالى : ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ . . . ) (٣) . ـ مثلاً ـ حقيقة ثانوية ، فالمثال من باب الدوران بين النقل
___________________________
=
مع الشك في الارادة ، كما إذا توقّف صحة الكلام على أحد أمرين تجوّز في مقام ، ونقل في مقام آخر ، وفرض أن المعنى يختلف باختلافهما ، ولا ريب في رجحان التجوّز هنا أيضاً لأن أقصى ما فيه أنْ تأوّل المتكلّم واستعمل اللّفظ فيما يناسب معناه ، وأين هذا من دعوى انتقال اللفظ عن حقيقته وهجرها وصيرورته حقيقة في معنى آخر رجماً بالغيب ، لمجرّد تصحيح معنى الخطاب مع أنّ لصحّته وجهاً آخر معتاداً لا مؤنة فيه وهو المجاز » .
(١) مفاتيح الاصول : ٩٣ فانه قال : مفتاح : إذا دار الأمر بين الإضمار والنقل كما في قوله تعالى ( وَحَرَّمَ الرِّبَا ) فانه يحتمل أن يكون الرّبا باقياً على حقيقته اللغويّة وهي مطلق الزيادة ، ويضمر أخذ الزيادة ، فيحرم دون أصل العقد ، ويحتمل صيرورة لفظ الرّبا حقيقة شرعيّة في العقد المخصوص ، فيحرم أصل العقد ، فصرّح به في يب بأولويّة الاضمار على النقل ، واحتجّ عليه بتوقف النقل على اتفاق أهل اللسان عليه بخلاف الاضمار .
وفيه نظر ، ولو قيل بترجيح النقل لكثرته لم يكن بعيداً ، إلّا أني لم أعثر على قائل به .
(٢) البقرة : ٢٧٥ . |
(٣) البقرة آية : ١٧٣ والنّحل : اية ١١٥ . |