رجحان الاشتراك عليه أيضاً بمقتضى وجه المساواة ، لكن قد عرفت منع المساواة بينهما ، وترجيح التخصيص على الاشتراك .
وكيف كان ، فمثال ما نحن فيه ما لو قال النبي ( صلّى الله عليه وآله ) : صلّوا في الوقت الفلاني ، ثمّ قال بعد ذلك ، طوّفوا في ذلك الوقت ، إذا احتمل كون الطواف مشتركاً بين معناه المعروف ، وبين المعنى الآخر ، كالصلاة مثلاً ، فلو بنى على الاشتراك لم يلزم نسخ ، لإمكان حمله على الصلاة المأمور بها في الخطاب الأول ، وإلا تعيّن النسخ مع وجود شرائطه ، كحضور وقت العمل ، لمنافاة الأمر به في الوقت الخاص ، لبقاء الأمر بالصلاة في ذلك الوقت ، فيجب نسخ وجوب الصلاة في ذلك الوقت .
ومثاله أيضاً ما إذا قال المولى ( اجعل ثوبي جوناً ) وعلمنا بوضع الجون للأحمر ، ثمّ قال بعد ذلك ، إجعله أسود ، فشكّ حينئذ في وضع الجون للاسود أيضاً ، حتى يكون مشتركاً بين المعنيين ، فيكون قوله الثاني قرينة معينة لإرادة ذلك من أوّل الأمر ، أو أنّه نسخ الحكم الأوّل بذلك من غير أن يكون هناك اشتراك بين المعنيين ، وليفرض هناك انتفاء العلاقة المصحّحة للتجوز ، لئلا يقوم احتمال المجاز أيضاً .
والأولى تقرير المثال الأوّل ـ أيضاً ـ هكذا ، بأن يقال : إنّه صلى الله عليه وآله قال أوّلاً : صلّوا في الوقت الفلاني ، وعلمنا بوضع الصلاة للأركان المخصوصة ، ثمّ قال : طوّفوا في ذلك الوقت ، فشكّ ، في أنّ الصلاة مشتركة بين الأركان المخصوصة وبين الطواف ، وأريد منها الطواف من أوّل الأمر ، ويكون الأمر بالطواف قرينة معيّنة على إرادة الطواف منها ، أو أنّ وضعها مختصّ بالأركان المخصوصة ، فأريد منها تلك الأركان ، فيكون الأمر بالطواف نسخاً له ، وليفرض ـ هنا ـ عدم العلاقة بين الصلاة والطواف ، أو فرض القطع بعدم استعمالها في الطواف مجازاً ، بحيث دار الأمر فيها بين الاشتراك والنسخ .
ثمّ إنّه بقي ست صور اخرى من صور الدورانات الإحدى عشرة خمس منها بملاحظة دوران الأمر بين التقييد وغيره ، غير النسخ ، وواحدة بملاحظة دوران الأمر بينه وبين النسخ .
ومجمل الكلام في الخمس وتحقيقه ، أنّ التقييد أرجح من غيره ، من الامور الخمسة المخالفة للأصل ، لأن التخصيص أرجح من بين الأمور الخمسة ، والتقييد أرجح من التخصيص ، أمّا رجحان التخصيص على غيره فقد مرّ .