الإمساك من الليل ، وكذا يجري في الموضوعات المستنبطة المعبّر (١) عنها باللغات .
ثم إنّه إن ثبت حجية الظن من باب الكشف ، بمعنى أنه انكشف بحكم العقل بملاحظة دليل الانسداد ، أن الشارع جعل الظن حجّة في الجملة ، يصير ذلك كالقضية المهملة لا بد من الأخذ بالمتيقن .
وإن ثبت ذلك بطريق الحكومة ، بمعنى أنه حكم العقل بجواز العمل بالظن وقبح العقاب على مخالفة الواقع ، فيعمّ الحجية لكل ظن لم يقم دليل على عدم اعتباره بالخصوص كالظن القياسي .
إذا عرفت ذلك فاعلم : أنّ تقرير جريان دليل الانسداد على وجوه ثلاثة :
أحدها : ما قرّره المحقق القمي (٢) رحمه الله ، من إجرائه في نفس الأحكام الشرعية ، وهو مركب من مقدمات ثلاث :
إحداها : العلم الاجمالي بثبوت تكاليف لا نعلمها بعينها .
وثانيتها : إنسداد باب العلم بها .
وثالثتها : بطلان الرجوع إلى البراءة ، لاستلزامه الخروج عن الدين . وعدم وجوب الإحتياط ، لِعدم مساعدة دليله فيما نحن فيه . فتلك المقدمات الثلاث تنتج حجية كلّ طريق يفيد الظن بتلك الأحكام ، ومن الطرق خبر الواحد عن أوضاع ألفاظ الكتاب والسنة ، فإنه مستلزم للظن بالأحكام ، فيكون حجة .
وثانيها : ما قرّره بعض من إجرائه في الطرق الشرعية فهو مركب من مقدمات أربع :
إحداها : العلم الإجمالي بتعبّد الشارع إيّانا بطرقٍ لا نعلمها بعينها .
والثانية : شدّة الاحتياج إليها .
والثالثة : انسداد باب العلم بها .
والرابعة : عدم مساعدة أدلّة الاصول العملية على وجوب العمل بمقتضاها حينئذ ، فلا يجب الاحتياط ، فيثبت أن الظن حجة في تشخيص الأمارات ، فيقال إنّ خبر الواحد في اللغات مظنون الاعتبار والحجية فيكون حجة .
___________________________
(١) فإنّ الموضوع المستنبط لا يختصّ إطلاقه على ما استفيد من ألفاظ الكتاب والسنّة كما توهّم بل يعمّ كلّ اللغات منه طاب ثراه .
(٢) القوانين : ٥٥ ، عند قوله : فنقول : إنّ من اليقينيّات أنّا مكلّفون بما جاء به محمّد ( ص ) إلخ .