بسم الله الرحمن الرحيم
القَول في المشتق ، وهو كما ذكره جماعة اللفظ المأخوذ من لفظ ، ويسمى الأول أصلاً ، والثاني فرعاً ، ولا بد بينهما من مناسبة في المعنى ، ليصح الأخذ والاشتقاق ، وفي الزبدة (١) : أنّه فرع وافق الأصل باُصول حروفه ، إلى غير ذلك من التعاريف .
لكنها مع عدم سلامة كلها ، أو جلها ، عن المناقشات غير محتاج إليها في المقام ، لأن الغرض من تحديد الشيء هو التوصل به إلى معرفة حال جزئياته ، وجعله مرآة في تميزه عن غيره بواسطة انطباق الحد عليها ، وأقسام المشتق من الأسماء ، والأفعال مما لم يقع الخلاف فيها من أحد ، فلا حاجة إلى التعريف ، والنقض والابرام ، فينبغي صرف الهمة إلى ما هو الغرض الأصلي في المقام .
فنقول : إن تحقيق المرام ، يتوقف على تقديم امور :
الأوّل : المقصود بالبحث في المقام ، ليس تحقيق معاني مبادئ المشتقات موادها ، فإن الكافل له إنما هو كتب اللغة ، ولا معرفة كيفية اشتقاقها فان المرجع فيها ، إنّما هو في التصريف ، بل الغرض إنّما هو معرفة معانيها من حيث أوضاعها النوعية ، وهي معاني هيئاتها الكليّة ، الطارئة على مواردها الجزئية ، الموضوعة لمعانيها بالأوضاع الشخصية .
الثاني : النزاع في المقام ليس في مطلق المشتقات ، بل في غير الأفعال ، أما هي ، فلا خلاف في أن الماضي منها لقيام المبدأ بفاعله في الماضي ، وأن إطلاقه على غيره إنما هو تجوّز ، أو تأويل ، كإطلاقه على المستقبل تنزيلاً له منزلة الماضي لتيقن وقوعه ، وأن المضارع منها لقيامه به في الحال ، أو الاستقبال ، على سبيل الاشتراك ، وأما الأمر والنهي ، فتحقيق الحال فيهما محول إلى مباحثهما المنفردة لهما .
الثالث : الظاهر عموم الخلاف لاسمي الفاعل ، والمفعول ، والصفة المشبهة ، واسم الفعل ، والأوصاف المشتقة ، كالأصغر والأبيض والأحمر ونحوها ، والمشتقات من أسماء الأعيان ، كلابن ، وتامر ، وتمّار ، وعطّار ، وحائض ، بناء على كونه مشتقاً من
___________________________
(١) الزبدة في المطلب الثاني فصل : المشتق فرع وافق الأصل باصول حروفه وأنواعه خمسة عشر . . . . .