ارتفاعه عن بعض أفاضل المتأخرين المقارب عصره بعصرنا .
وعن ثاني (١) الشهيدين أيضاً ، والغزالي ، والاسنوي (٢) ، اختصاصه بما إذا كان المشتق محكوماً به ، وأما إذا كان محكوماً عليه ، فلا كلام في صدقه مع الزوال هذا .
وقد عرفت أن هذا كله خلاف التحقيق ، مع أن الاستدلال بعموم آيتي الزنا (٣) ، والسرقة (٤) على عدم اشتراط بقاء المبدأ صريح في عموم النزاع للأخير .
وأما على الثانية فأنّ الذات المعتبر تلبسها بالمبدأ في صدق المشتق حقيقة في اسم الزمان نفس الزمان ، ومن المعلوم عدم قابليته للبقاء حتى يقع النزاع في صدق الاسم عليه حقيقة بعد الانقضاء ، حسب ما هو الشان في سائر المشتقات فحينئذ ، فإن أريد اطلاق الاسم على الزمان الذي وقع فيه الفعل ، فهو حقيقة دائماً ، ولو بعد انقضائه ، وإن أريد إطلاقه على الزمان الآخر ، فلا شبهة في مغايرته لذلك الزمان ، فلا معنى لاحتمال كون الاطلاق على وجه الحقيقة ، وهذا ظاهر إلى ما لا مزيد عليه .
وكيف كان ، فتعيين محل النزاع من هذه الحيثية ليس بمهم لنا ، إنما المهم تحقيق الحال في كل من الحالات والأقسام ، حسب ما اقتضاه الدليل . وسيأتي التعرض لكل منهما عن قريب إن شاء الله .
الرابع : المراد بالحال في عنوان كلامهم ـ الآتي في المقام ـ ما يقابل الماضي والاستقبال ، ولا يخفى أنه لمقابلته أمر إضافي ، فهو في كلام المطلقين يحتمل وجهين :
أحدهما : حال النطق ـ أعني زمان التكلم ـ كما هو الظاهر منه عند الاطلاق ، فمفهوم المشتق على القول بكونه حقيقة في خصوص ذلك ، هو المتلبس بالمبدأ حال الاطلاق ، بمعنى إضافته حينئذ على الوجه الآتي .
ثانيهما : زمان اتّصاف الذات بالمبدأ على وجه كان مصححاً للاشتقاق ، وموجباً لجواز الإطلاق في سائر الصيغ المشتقة منه ، كالماضي والمضارع حقيقة أو مجازاً
___________________________
(١) تمهيد القواعد : ١٠ عند قوله في القاعدة التاسعة عشرة ، هذا كله إذا كان المشتق محكوماً به الخ .
(٢) ما عثرنا على كتابه ، ولكن عثرنا على مقالته في شرح الوافية للسيد صدر الدين المخطوط في ذيل قول الوافية ( وفي تمهيد الاصول إنّ النزاع إنّما هو فيما إذا كان المشتق ) وإليك نصّه : وفي تمهيد الاصول الخ ، أقول قال الأسنوي في شرح المنهاج إنّ محلّ الخلاف ما إذا كان المشتق محكوماً به ، وأمّا إذا كان متعلّق الحكم كقولك السارق تقطع يده فحقيقة مطلقاً .
(٣) النّور : ٢ .
(٤) المائدة : ٣٨ .