يفيد انتفاء هذا الحكم بانتفاء الوصف أولا .
وإيراد ما هو شرط للحكم واقعاً بصورة موضوع الحكم وعنوانه شائع كشيوع عكسه ، وهو إيراد ما هو موضوع وعنوان للحكم واقعاً بصورة الشرط ، وهذا هو الشّرط الذي يقال : إنّه لتحقيق الموضوع ، فيحكمون بعدم المفهوم له لذلك ، فعلى هذا ، يصير معنىٰ قوله تعالى ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا . . . ) (١) ـ والله أعلم ـ أنّه إن زنت امرأة أو زنىٰ رجل فاجلدوهما ، ولا ريب أنّ هذين الموضوعين ، أعني الرّجل والمرأة باقيان بعد انقضاء المبدأ عنهما .
لكن لا يخفى أنّ هذا التّوجيه كسابقَيه إنّما يوجب إطلاق المشتق على الحقيقة ، وعدم خلاف ظاهر في هيئته ، لكن لا بدّ من التزام خلاف الظّاهر بوجه آخر ، فإنّ ظاهر تعليق الحكم على شيء ، كون ذلك الشيء هو الموضوع لهذا الحكم على ما هما عليه من الإطلاق والتقييد ، فإرادة تعليقه على غيره واقعاً ـ كما في التّوجيه الأخير ـ أو تقييده واقعاً ، مع أنّه مطلق في الظّاهر ـ كما في الأول ـ أو تقييد الحكم في الواقع مع أنّه مطلق في الظّاهر ، كلّها خلاف الظّاهر ، فلذا نفينا الفائدة من التعرّض له .
ثم إنّه ربما يتصرّف في الموارد المذكورة في الهيئة ، كما في مجاز المشارفة ، فيقال : ( زيد غريق ) مع أنّه بعد لم يغرق ، فيستعمل اللّفظ ويراد به غير المتلبّس لإشرافه على التلبّس ، وكما في صورة استعماله فيمن لم يتلبّس بعد بالمبدأ بعلاقة الأَوْل إلى التلبّس .
والفرق بينهما أنّ العلاقة في الثاني إنما هي بحسب قرب الزّمان ، وفي الأوّل بملاحظة الذّات نفسها ، بمعنى أنّه يلاحظ الذّات اثنتين باعتبار حالتين ، فيستعمل
___________________________
= وثالثاً : أنّ الاستدلال بالآيتين على ثبوت الحكم لمطلق الزّاني والسارق [ يتوقف ] على وضع اللفظ للأعم ، لجواز أن يكون نظرهم في ذلك إلى اثبات الحكم لمن تلبّس بالمبدأ حال نزول الآيتين بهما ولغيرهم بأصالة الاشتراك في الحكم الجمع عليه ، كما هو الشأن في استدلالهم بمطلق الخطابات الشفاهيّة على ثبوت الحكم لعامّة المكلّفين .
ورابعاً : أنّ هذا على فرض تماميّته يدلّ على إرادة الأعم من الآيتين ، وهي تستلزم وضع اللّفظ له ، لكونها أعمّ من الحقيقة . لمحرّره عفا الله عنه .
(١) النّور : ٢ .