معطي الفقراء ) مريداً بالنّداء حقيقة هذا الشّخص المنقضي عنه الإعطاء حال النّداء ، وإنّما ناديته بهذا العنوان تنبيهاً على أنّه هو الّذي كان يعطي الفقراء ، والآن صار فقيراً مثلاً ، مع إرادة الذات المتلبّسة بالإعطاء في ذلك الزّمان من هذا الوصف ، وجعله بهذا الاعتبار معرِّفاً لمن تدعوه ، لاتّحاده مع تلك الذّات المتلبّسة بما ذكر في ذلك الزّمان .
وإمّا علىٰ التّنزيل والادّعاء .
وإمّا علىٰ تصرّفٍ في المادّة ، كما في موارد استعمالها في ملكات مبادئها ، كالكاتب ، والشّاعر والفقيه ، وأمثالها ممّا يراد بها التّلبّس بملكة المبدأ ، لا بنفسه ، أو فيمن أخذ مبادِئَها حرفة ، وصنعة ، كالبنّاء والنسّاج والكاتب ، وأمثالها ، إذا أطلقت على هذا الوجه ، وكما في استعمال البقّال والتّمار ، وأمثالهما من المشتقات المأخوذة من أسماء الذّوات في مزاولة مع البقل والتّمر ، إلىٰ غير ذلك مما يعرف وجوه التّصرف فيها حسب موارد استعمالها ، فإنّ أسماء الآلة إذا أطلقت ولم يرد بها المتلبّس بالآليّة حال النسبة ، كالمقراض لغير المتلبس بآليّة القرض حال النسبة ، فلا بدّ أن يكون التّصرف فيها بنحو آخر ، كأن يقال : إنّها مستعملة فيما له شأنيّة الآلية مع إعداده لذلك أو بدونه .
وقد جعل بعض المتأخرين المدار في صدق أسماء الآلة حقيقة على شأنية الآليّة مع الإعداد لها ، بمعنى أنّه جعل معناها المتلبّس بشأنيّة كونه آلة لإيجاد المبدأ مع كونه مُعَدّاً للآليّة ، فيعتبر في صدقها حقيقة على ما أطلقت عليه من تحقّق هذين الشّأنيّة ، والإعداد فيه حال النسبة ، وعلى هذا فإطلاقها على هذا الوجه ليس من وجوه التّصرف فيها ، وإنّما يكون من ذلك ـ بناء على ما اخترنا ـ من أنّ المعتبر فيها التلبّس بالآليّة فعلاً (١) .
لكن هذا القول ليس بجيّد ، كما لا يخفى ؛ إذ ليس المتبادر من نفس تلك
___________________________
(١) وعلى ما اخترنا من اعتبار التلبّس في أسماء الآلة بالآليّة حال النسبة ، فلا يصدق على ماله شأنية ذلك مع عدم تلبّسه به حينئذٍ ، ويصدق عليه على القول الآخر ، وأمّا بالنسبة إلى ما لا يكون له الصّلاحيّة لذلك حال النسبة ، كاطلاق الميزان مثلاً على قطع منتشرة من الخشب والحديد مع كونها ميزاناً قبل ، او سيصير ميزاناً ، فالاطلاق مجازيّ على القولين ، لمحرّره عفا الله عنه .