أسماء الذّوات (١) ، كاللّابن والتّامر ، ونحوهما من أسماء الفاعلين المأخوذة منها ، وكالبقّال والعطّار ، ونحوهما ممّا مرّ من صيغ المبالغة المأخوذة منها إذا أريد بها كلّها ، التّلبّس بأخذ بيع تلك الأعيان حرفة ، وقد عرفت ما في الثانية .
وأمّا الاُولى ، أعني أسماء الفاعلين المأخوذة من أسماء الذّوات ، فلا تصرّف من العرف في هيئتها أصلاً ، والغالب استعمالها في التلبّس الحالي ، أعني إرادة مجرّد التلبّس مع تلك الأعيان ، وهذا هو الظّاهر المتبادر منها عرفاً ، فيكون أخذ مبادئها حرفة خلاف الظاهر المحتاج إلى القرينة الصّارفة عما ذكر ، لكنّه لا يوجب التّصرف في الهيئة ، فإنّها لمجرّد التلبّس بالمبدأ بمعناه ولو مجازاً ، وهذا باق على جميع التّقادير .
وقد يجتمع في المبدأ الواحد الوجوه الثلاثة ، أعني الحال والملكة والحرفة ، بمعنى أنّه يصلح لإرادة التلبّس بكل واحد من تلك الوجوه ، كما في الكاتب والقارئ والمدرِّس وأمثالها ، أو الاثنان منها ، كما في العالم والفقيه والمجتهد ونحوها ، لصلاحيّتها لإرادة التلبّس الحالي ، والتلبّس بملكة الاقتدار على مبادئها ، ومن المعلوم عدم التّصرف في الهيئة من جهة أحد الوجوه الثّلاثة (٢) في جميع الصّور .
أمّا في صورة إرادة التلبّس الحالي فواضح ، إذا كان المبدأ من المصادر ، وأمّا إذا كان المبدأ من أسماء الذّوات فالتّصرف أنّما وقع في المبدأ من حيث إخراجه عن معناه الأصلى وهو الذّات إلى غيره ، وهو الفعل المتعلّق بالذّات المناسب لتعلّقه بها ، كالبيع ، بل يمكن عدم التزام التّصرف في المادّة أيضاً ، بتقريب ما يقال : في مثل قوله تعالى ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ) (٣) فإنّ الأمّ فيه في معناه الأصلي ، وكذا الحرمة ، إلّا أنّه تجوّز في أمر عقلي ، وهو نسبة
___________________________
(١) قولنا ( او من اسماء الذوات ) عطف على قولنا المذكور سابقا ، اعنى من المصادر في قولنا : ( من المشتقّات المأخوذة من المصادر من اسماء الفاعلين او صيغ المبالغة ) ، لمحرّره عفا الله عنه .
(٢) بمعنى أن شيئا منها لا يستلزم التصرّف في الهيئة ، بان يكون التصرّف مسبّباً عنه وإن أمكن التصرّف فيها بواسطة امر خارجيّ ، كنقلها الى غير معناها الاصلي بواسطة غلبة الاستعمال في هذا الغير ، كما مرت الاشارة اليه في بعض الأمثلة ، لمحرّره عفا الله عنه .
(٣) النساء : ٢٣ .