خصوصيّات الذّوات ، مثل كون المعروض جسماً في نحو الأبيض والأسود ، وإنساناً في نحو الضاحك والكاتب ، وهكذا ، لعدم حصول الانتقال إلى نحو ذلك من خصوص الألفاظ المشتقة قطعاً ، وإلّا لزم أن لا يصح قولك : الجسم الأسود والأبيض ، لكونه حينئذ من باب توصيف الأعم بالاخص ، كقولك : الحيوان الانسان ، ولا ريب في بطلان التالي ، ضرورة صحة التوصيف في المثال ونحوه .
مع أنّ المعتبر في المفهوم إن كان هو العنوان الخاص ، من حيث وجوده في الخارج ، فيلزم حمل الذّات على الذّات وتوصيفها بها ، على حسب ما مرّ بيانه في ردّ دخول الجزئيّات الحقيقية في مفهوم المشتق . وإن اعتبر لا بشرط ، فلا يصح ، لأنّ المبادئ غير جارية على تلك العنوانات في الذهن ، بل من عوارض الماهيّات الخارجية ، فكيف يعتبر في المشتق تلبسها بالمبادئ إذ على هذا يصير قولك :
الأسود ، معناه مفهوم الجسم المتصور في الذهن المتلبس بالسواد ، وهذا مما يُضحِك الثكلىٰ ، ضرورة عدم إمكان عروض المبدأ الذي هو السّواد بالمفهوم الذهني ، وإنما هو عارض لجزئياته الحقيقية المتحققة في الخارج ، وهكذا في سائر أمثلة المشتقات .
وكيف كان ، فهذا بديهيّ لا حاجة فيه إلى تجشّم الاستدلال ، فلنأخذ بالكلام فيما هو محل للخلاف في المقام .
فنقول : إنّهم بعد اتفاقهم ظاهراً على خروج الذّوات الخارجية عن مفهوم المشتقات ـ كما عرفت ـ اختلفوا في اعتبار الذّات المبهمة المفسرة بالشيء في بعض العبارات في مفهوم المشتقات على أقوال :
أحدها : الدّخول مطلقاً ، وهو المحكيّ عن العلامة ( قدس سره ) في التهذيب (١) وابن الحاجب في المختصر (٢) والعضدي في شرحه (٣) .
___________________________
(١) تهذيب الاُصول : ١٠ ، الفصل الرابع في الأسماء المشتقّة عند قوله : ومفهوم المشتق شيء ما له المشتق منه من غير دلالة على خصوصيّة الشيء .
(٢) مختصر الاصول لابن الحاجب وشرحه للعضدي وسماه بـ ( حواشي بر شرح مختصر ) الجزء الاوّل : ١٧١ ، ١٧٢ ، واليك نصّهما : امّا نصّ المختصر لابن الحاجب فهذا لفظه : المشتق ما وافق أصلاً بحروفه الاصول ومعناه وقد يزاد بتغييرٍ مّا وقد يطّرد كاسم الفاعل . . . الى اخره . وامّا نصّ العضدي في شرحه فهذا لفظه : أقول : اشترط في المشتق امور ( إلى أن قال : ) ثالثها الموافقة في المعنى ، بأن يكون فيه معنى الأصل ، إمّا مع زيادة كالضّرب والضّارب ، فإنّ الضارب ذات ثبت له الضّرب .