الكلية على الرّبط الحاصل بين المبدأ والذّات ، لأنّ قضية الحمل اتّحاد المحمول مع الموضوع في الوجود الخارجي ، ومن البيّن أنّ هذا المفهوم المركّب غير متّحد مع ذات زيد الّتي هي موضوع القضيّة ، بل كل جزء منه متّحد مع شيء في الخارج على حسب ما ذكر .
لا يقال : إنّ هذا لازم على القول بعدم الدّخول مطلقاً أيضاً بالنّسبة إلى المبدأ والرّبط ، فإنّ المفهوم حينئذ أمر بسيط منتزع من الأمر الخارجي بملاحظة اتّصافه بالمبدأ ، واتّحاده مع الموضوع بالاعتبار ، لعدم وجود متأصِّل لهذا المعنى العرضي ـ في الخارج ـ على حسب الذّاتيات ، حتى يعتبر اتّحاده على سبيل الحقيقة .
ولا يندفع بذلك ما يلزم من المحذور على فرض تركيب المفهوم ، لأنه لازم للاطلاق الدّال على الاتّحاد في الجملة ، ومع فرض بساطة المفهوم لا يكون إلا باعتبار واحد ، بخلاف صورة التركيب ، فإنّ الاطلاق حينئذ بالاعتبارات الثلاثة (١) .
الرابع : ما استفدناه من المحقق السيّد الشريف ـ في حاشيته على شرح المطالع ـ على قول الشارح في شرح كلام المصنف في تعريف النّظر ، بأنّه ترتيب اُمور حاصلة في الذهن يتوصّل بها إلى تحصيل غير الحاصل .
قال الشارح : وإنّما قال : اُمور ؛ لأنّ التّرتيب لا يتصور في أمر واحد ، والمراد بها ما فوق الواحد ، ثم قال : والاشكال الذي استصعبه قوم بأنّه لا يتناول التعريف بالفصل وحده ، ولا بالخاصة وحدها ، مع أنّه يصحّ التعريف بأحدهما على رأي المتأخرين ، حتى غيّروا التعريف إلى تحصيل أمر ، أو ترتيب اُمور ، فليس من تلك الصّعوبة في شيء .
أمّا أوّلاً : فلأنّ التعريف بالمفردات إنما يكون بالمشتقات ، كالنّاطق
___________________________
(١) وحاصل الفرق بين القولين أن النسبة بين المحمول والموضوع في قولك ( زيد ضارب ) هي النسبة بين الكلّ والجزء على القول بدخول الذات في مفهوم المشتق ، فلا يصحّ الحمل ، لأن قضيّته اتحاد المحمول مع الموضوع ، والكل والجزء ليسا كذلك ، بل جزء منه متّحد مع الموضوع ومِن نسبة الكلّي إلى الجزئي على ما اخترنا ، لبساطة المعنى حينئذٍ وصدقه على زيد الذي هو الموضوع ، فيصّح الحمل لاتّحاد الموضوع والمحمول في الوجود حينئذ ، لمحرّره عفا الله عنه .