والضّاحك والمشتق ، وإن كان في اللفظ مفرداً ، إلّا أن معناه شيء له المشتق منه ، فيكون من حيث المعنى مركباً (١) .
فأورد السيّد على هذا الجواب ، بأنّ مفهوم الشيء لا يعتبر في مفهوم النّاطق مثلاً ، وإلّا لكان العرض العام داخلاً في الفصل ، ولو اعتبر في المشتق ما صدق عليه الشيء انقلب مادة الامكان الخاص ضرورية ، فإنّ الشيء الذي له الضّحك هو الانسان ، وثبوت الشيء لنفسه ضروري ، انتهى (٢) .
وحاصل الوجه المستفاد ـ من كلام السّيد ـ أنّه لو اعتبر الشّيء أو الذّات في مفهوم المشتق ، فهو إمّا مفهوم أحدهما أو مصداقه الخارجي ، وكلاهما باطل .
أما الأول : فلأنّ من المشتقات الناطق ، ولازمه أخذ مفهوم أحد الأمرين في مفهوم النّاطق ، ولا ريب أنّ مفهوم الشّيء ، أو الذات من الاعراض العامة ، فيلزم دخول العَرض العام في الفصل ، وهو النّاطق ، للاتفاق على كونه فصلاً للانسان ، واللازم باطل بالاتّفاق ، وبديهة العقل ؛ إذ فصل كلّ شيء هو المقوِّم لذلك الشيء ، ويستحيل كون الأمر العرضي مقوماً لمحلّه .
وما يقال : من أنّ المراد بالنّاطق ـ الذي يعدّ ذاتياً ـ هو النّطق ، ليس بشيء ؛ فإنّ الذّاتي يحمل على ما تحته من غير تأويل ، ولا يصحّ حمل النّطق كذلك .
وربما قيل : بأنّ المصطلح عند أهل الميزان في نحو النّاطق ما تجرد عن الذّات ، وهذا هو الذي حكموا بكونه ذاتياً لما تحته .
وفيه ما لا يخفى ، ضرورة بقاء النّاطق على المعنى الأصلي في ألسنتهم ، وعدم ثبوت اصطلاح جديد منهم فيه بوجه ، وإنّما يقولون بكونه فصلاً بمعناه اللغوي .
وأمّا الثاني : فلأنّه مستلزمٌ لانقلاب كلّ قضية ممكنة بالإمكان الخاصّ إلى الضّرورة ، كما في قولك : ( زيد ضارب أو كاتب أو ضاحك ) ، فان الشّيء أو الذّات الذي له الضحك ـ على هذا ـ عين زيد ونفسه ، وثبوت الشّيء لنفسه ضروريّ ، واللازم باطل بالاتّفاقِ على أنّ ثبوت تلك المحمولات لتلك الموضوعات
___________________________
(١ و ٢) شرح المطالع : ١١ ، انظر المتن والهامش .