فنقول : إنّ هيئات اسماء الفاعلين والصّفات المشبهة موضوعة لهذا القدر الجامع بين العنوانات المذكورة المنتزعة من قيام المبادئ الخاصة بالذّوات ، وقس عليها الحال في مفهوم الصفات المشبهة ، فإنّه أيضاً أمر منتزع من قيام المبدأ بالذّات على نحو الثّبوت فيجري فيها الكلام إلى آخره .
ثم إنّ الذّوات قد تتلبس بمبدأ الضّرب على نحو الوقوع ، وقد تتلبس بمبدأ القتل على نحو الوقوع ، وقد تتلبس بمبدأ الجرح على هذا النحو ، وهكذا إلى آخر المبادئ المجرّدة .
وأنت بعدما لاحظت قيام الضّرب بها ـ على النّحو المذكور ـ تنتزع منه عنواناً بسيطاً صادقاً على غير تلك الذّات إذا تلبّست به ـ على هذا النحو ـ وهو ما يعبّر عنه بالفارسية بـ ( زده شده ) أو قيام القتل بها ـ على النحو المذكور ـ فتنتزع منه عنواناً كذلك ، يعبّر عنه بالفارسية بـ ( كشته شده ) أو قيام الجرح فتنتزع عنواناً يعبّر عنه بالفارسية بـ ( زخم خورده ) وهكذا إلى آخر المبادئ المجردة ، وأنت ترى عنواناً جامعاً بين تلك العناوين بالوجدان .
فنقول : إنّ هيئة مفعول موضوعة لهذا العنوان الجامع ، وقس عليه الحال في هيئة اسم المفعول من المزيد فيه .
وأنت بعد هذا البيان تعرف الحال بمقايسة ما ذكرنا في صيغ المبالغة ، وأسماء المكان والآلة والتفضيل ، فلا نطيل الكلام .
فخلاصة الكلام : أنّ كلّ واحد من هيئات المشتقات موضوعة للقدر الجامع بين تلك العنوانات المنتزعة ، الخاصّة بالنّسبة إلى هذا القدر الجامع ، والعامّة بالنسبة إلى ما تحتها قطعاً ؛ لقضاء التبادر ، ومعه لا يصغىٰ إلى دعوى عدم وضع الهيئات مطلقاً لمعنى مستقل ، وتصريح جماعة بذلك إمّا محمول على هيئات الأفعال فقط ، أو على خلاف التحقيق .
هذا ، وأما الوجه الثاني من الوجهين الذي هو رابع الوجوه المتقدمة ، فوجه الضّعف فيه : أن الضّروري إنما هو ثبوت نفس الذات لنفسها ، وأما ثبوتها مقيدة بوصف ، فهو ممكن بالإمكان الخاص .