والحاصل أنّ مفهوم المشتقات عبارة عن الوصف على مصطلح النحويين ، ومفهوم المصادر هو الوصف المقابل للذات ، والأول لمّا كان من وجوه الذات وعناوينه فالمصحّح لحمل المشتقات على الذّوات هذا ، بخلاف المصادر ، حيث إنّ معناها الحدث المغاير للذّات في الوجود والخارج عنها ، غير المنطبق عليها بوجه ، ولذا لا يصحّ حمله عليها ، ضرورة أنّ قضية الحمل الاتّحاد في الوجود ، وقيام المحمول بالموضوع بنحو من القيام ، وإن اعتبر التغاير بينهما ـ حقيقة أو اعتباراً ـ بحسب المفهوم ، حتى يصحّ الحمل .
وكيف كان ، فالمراد بصحّة الحمل في المقام إنّما هو صحّته بالحمل المتعارفي ، المعبّر عنه بحمل ذو هو ، المقابل لحمل هو هو ، لا ما سبق إلى بعض الأوهام من أنّ حمل ذو هو ، هو أن يقدّر ذو في طرف المحمول ، بأن يكون مأخوذاً في مفهومه ، حتّى يكون معنىٰ ( ضارب ) ذو ضرب ، والّا لعاد المحذور ، من أخذ الذّات في مفهوم المشتق المانع من الحمل .
فبهذا كلّه اتّضح الفرق والفارق ، ومناط صحة الحمل في المشتقات دون المصادر (١) .
وهذا الذي ذكرنا يجري في الأفعال أيضاً ، فإنّ الذّات خارجة عنها ، ولذا يصحّ حملها على الذّوات ، بل يجري في غير الأسماء الموضوعة للذوات الخارجية ، ـ وهي الأعلام الشخصيّة ـ أيضاً ، كما مرّت الاشارة إليه آنفاً ، كالحيوان والانسان ، والرّجل والمرأة ونحوها ، فإنّ الموضوع في جميعها نفس عنوانات الذّوات الخارجية ووجوهها ، لا هي من حيث هي ، ولا باعتبار العنوان شرطاً أو شطراً ، ومن هنا يكون حملها على الذّوات من الحمل المتعارف .
وتوضيح ذلك : أنّ الأمر في وضع غير المصادر من الأسماء لا يخلو عن
___________________________
(١) وقد يدفع الاشكال المذكور بأنّ المأخوذ في مفهوم المصادر المجرّدة هي الأحداث بشرط ( لا ) ، وفي مفهوم المصادر الّتي في ضمن المشتقّات هي الأحداث لا بشرط ، فلذا يصحّ حملها على الذّوات .
وفيه ما لا يخفى على المتأمّل ، وسيجئ توضيح ضعفه في المبحث الآتي في المشتق فانتظر . لمحرّره عفا الله عنه .