أمرين :
أحدهما : أن يلاحظ الواضع نفس الذّات ويضع اللّفظ لها ، من حيث هي هي مجردة عن جميع العنوانات ، وهذا لا يكون إلّا في الأعلام الشخصية ، كزيد وعمرو ـ مثلاً ـ وأما الزّيديّة والعمرية ، فليستا مما تقبلان اعتبارهما في الوضع ؛ فإنّهما وصفان منتزعان بعد التسمية والوضع .
ثانيهما : أن يلاحظ وجهاً من وجوه الذّات ، وعنواناً من عناوينها المتكثرة الصادقة عليها ، ويضع اللفظ له لرفع الحاجة عند إرادة تعريف الذّات والاشارة إليها بوجهها ، كما في غير الأعلام من أسماء المشتقات وغيرها ، وإن كان بينهما فرق من جهة اُخرى ، وهي أنّ المبدأ في المشتقات أمر متأصّل متقدّم على المشتق ، ويعتبر المشتق بعد ملاحظة انتسابه إلى الذات ، ولذا سميت المشتقات بها ، وفي الجوامد أمر منتزع من نفس العنوان ، الذي وضع له اللفظ كالانسانية في الانسان ، والحيوانية في الحيوان ، وهكذا ، فالأمر فيها بعكس المشتقات ، فلا يكون لها مبدأ حقيقة ، ولذا سمّيت جوامد ، وحكم بكون الاشتقاق في مثل الرّجولية والانسانية ونحوه جعليّاً .
هذا بالنسبة إلى غير أوصاف الله تعالى .
وأمّا حملها ، فيكون من حمل هو هو ، وإن كان المحمول بصورة المشتق ، فيقال : الله تعالى قادر أو عالم ، ونحو ذلك من أوصاف الذات ، وإنّما لم يعبّروا بقول : ( الله تعالى عِلم أو قدرة ) حفظاً على القاعدة النحوية بحسب الصورة ، من حيث إنّ بناءهم على عدم صحة حمل زنة المصدر على الذات .
ثم إنّه مما حقّقنا ظهر مزيد توضيح
لاندفاع ما يقال : من أنّ المشتق مشتمل على نسبة ناقصة تقيدية ، كما ظهر ضعف ما قيل : من أنّ المشتق ، وإن كان بسيطاً إلّا أنّه في ظرف التحليل مركّب من الذّات والصّفة ، ضرورة عدم قضاء تحليل المعنىٰ بخروجه عما عليه ، مع ما عرفت من خروجها حقيقة في ظرف التحليل ، وأنها معروضة لتلك العنوانات متحدة معها ، لا مأخوذة في مفهوم