وفيه : ما مرّ من أنّ تبادر الذّات ، إنّما هو لشدّة الارتباط بين العارض والمعروض ، لا من نفس اللفظ .
مضافاً إلى كثرة الاطلاق على الذّات ، وندرة إرادة المفهوم العرضيّ اللا بشرط فيها ـ أي أسماء الآلات ـ فإنّه أيضاً قد يوجب التّبادر ، ويحتمل القول بحصول النقل عرفاً من جهة شيوع الاطلاق في خصوص أسماء الآلات .
تذنيبان :
الأوّل : قد فرّع على المسألة ، أعني اشتراط بقاء المبدأ فيما أطلق عليه المشتق حقيقة وعدمه ، كراهة الوضوء بالماء المسخّن بالشمس بعد زوال السّخونة عنه ، على القول بعدم اشتراط البقاء ، وزوالها (١) على القول بالاشتراط .
وكذا كراهة التخلّي تحت الأشجار المثمرة بعد ارتفاع الثمرة ، وكراهة سؤر آكل الجيف بعد ترك الأكل ، وكذا الحال في الوقوف والوصايا والنذور المتعلقة بالعناوين المشتقّة ـ على ما ذكره بعض المتأخرين (٢) من مقاربي عصرنا ـ كالطّلبة والمشتغل والعالم والمدرّس وغير ذلك من المشتقّات .
لكنّ التأمّل التّام يقضي بظهور الثمرة على بعض الوجوه لا مطلقاً .
وتحقيقه : أنّ الوصف العنواني الذي هو مدلول المشتقات ، ويجري على الذوات ، ويعبّر عنها بها ، ويعلّق الحكم عليه ، إما أن يعلم بعدم مدخليّته للحكم ، بل يكون عنواناً وقع لمجرّد تعريف الذات التي هي الموضوع حقيقة ، كما في قول القائل : اقتل الجالس في الدّار ، إذا كان الجالس فيها من أعدائه ، وإما أن يعلم بمدخليته في الجملة .
وعلى الثّاني : إما أن يكون العنوان علة لثبوت الحكم حدوثاً أو بقاء أيضاً ، فيكون واسطة في الثبوت ، كما في السّارق والزّاني في الآيتين ونحوهما ، أو لم يكن علة ، بل إنما هو أخذ قيداً لموضوع الحكم ، فيكون واسطة للعروض ، كما في قولنا : العادل مقبول الشهادة ، والمجتهد ينفذ حكمه .
___________________________
(١) أي زوال الكراهة .
(٢) هداية المسترشدين : ٩٠ .