لكونه فرداً من المفهوم بحكم الشارع ، او حكم بفساد بعض ما عندهم ، فإنه أيضاً ليس تصرفاً في وضع اللفظ ، بل إنما هو إخراج لبعض المصاديق عن كونه مصداقاً للمفهوم بحكمه .
واما مع ملاحظة تصرف الشارع ، فمرجع النزاع حينئذ إلى أن الموضوع عند الشارع ـ على ثبوت الحقيقة الشرعية فيها ، او المجاز الشايع عنده بناءً على عدم ثبوتها ـ هل هو ما حكم بصحته وبترتيب الأثر عليه او للأعم فافهم .
وأما المقام : فهو في تحقيق المرام ، فنقول : الظاهر اختصاص وضع تلك الألفاظ لغة وعرفاً او شرعاً ـ على ثبوت الحقيقة الشرعية ـ بالصحيحة ، وكذا اختصاص غلبة استعمال الشارع لها فيها على عدم ثبوتها ، لجريان كثير من الوجوه المتقدمة في المسألة السابقة هنا .
أما التبادر ، وصحة السلب عن الفاسدة فمطلقا ، وأما دليل الحكمة والاستقراء ، فهما يقتضيان وضعها للصحيحة لغة وعرفا وشرعاً ـ على القول بثبوت الحقيقة الشرعية ـ وأما مع عدمها فلا .
وكيف كان ، فيكفي تبادر الصحيحة عند المتشرعة وغيرهم ، فهو يكشف عن وضعها لها عرفاً ولغة ، ولو بضميمة أصالة عدم النقل .
وأما احتمال ثبوت الحقيقة الشرعية في تلك الألفاظ ، فهو مما يكاد أن يقطع بعدمه ، فإنها على فرض ثبوتها ، فالذي وضعت تلك الألفاظ بإزائه ، إمّا ما هو الموضوع له لتلك عند العرفِ واللغة او غيره بتغيير وتصرف من الشارع فيها .
فإن كان الأول فيلغى الوضع لو كان ثبوته
بطريق التعيين ؛ إذ الغرض منه حصول اختصاص بين اللفظ والمعنى بحيث متى أطلق فهم منه المعنى بنفسه ، وهو حاصل بوضع العرف او اللغة ، ولو كان ثبوته بطريق التعين الناشي عن غلبة الاستعمالات المجازية ، فلا ريب أنه لا يكون إلا بأن استعمل الشارع تلك الألفاظ مجازاً كثيراً إلى حد يوجب الاختصاص ، التالي باطل ، بداهة أن الشارع تابع للعرف في استعماله الألفاظ اللغوية والعرفية ، والمفروض أن تلك المعاني معان حقيقية لتلك الألفاظ ، فيكون استعمال الشارع لها فيها أيضاً حقيقياً ، فإنه حينئذ كواحد من العرف ، مع أنه لا يعقل المجازية هنا ، فإنه لا بد فيها من ثبوت