له أكثر بعد منع الأصل ، لأنّ المجاز لا بد فيه من العلاقة ، ومن ملاحظتها ، ومن القرينتين ، ومن ملاحظتهما . هذا بخلاف الاشتراك المعنوي ، إذ لا بد فيه من قرينة معيّنة فحسب ، ولا يحتاج بعد إلى علاقة ولا إلى ملاحظتها ، ولا إلى قرينة صارفة ، ولا إلى ملاحظتها ، وهذا الوجه الأخير مذكور في شرح العميدي (١) على ما حكى عنه .
هذا ، والجواب عن الأول من الوجهين : أنّه لا معنى للغلبة المذكورة ، كما صرّح به شيخنا المرتضى قدس سره ، إذ ما من حقيقة ومجاز إلّا وبينهما جامع ، فحينئذ يمكن تعكيس الغلبة ودعواها في جانب المجاز ، فإنّ المجاز أكثر من الاشتراك المعنوي .
فإن قيل : إنّ المراد بالجامع هو القريب ، لا كل ما يفرض بين المعنيين ولو كان بعيدا .
قلنا : ما من حقيقة ومجاز إلّا وبينهما جامع قريب ، لان الجامع القريب ليس الا الجنس القريب ، وهو تمام الحقيقة المشتركة بين الفردين ، وما من معنيين بينهما جامع إلّا أنّه يفرض بينهما جامع قريب ، لأنّ تمام مجمع اشتراكهما هو الجامع القريب .
ولو قيل : المراد بالجامع هو الذي يكون من الذاتيات ، لا الأعم ، ولا ريب أنّ أغلب المجازات ليس الجامع بينها وبين الحقائق إلا الامور العارضة كالصفات .
قلنا : إنه لا ريب أنّ جميع المشتقات من الاشتراك المعنوي ، مع أنّ الجامع الذي وضعت له إنما هو من الأعراض ، وكذا المصادر ، ولا ريب أنّ المصادر مع ما يشتق منها أغلب من بين أسماء الأجناس ، فليس الغالب في الاشتراك المعنوي أن يكون بين المعنيين جامع من الامور الذاتية بل الغلبة على خلافه .
وكيف كان فلا معنى لدعوى الغلبة المذكورة بوجه .
والجواب عن الوجه الثاني : أنه إن كان المراد بيان حال المعنى ، وجعله محطّاً للنظر ، مع قطع النظر عن الاستعمال الفعلي ، كما هو ظاهر كلام السيد عميد الدين قدس سره ، بأن يقال : إن ذلك المعنى لو كان اللفظ فيه مشتركا لفظا ، او مجازا ، فيكون الحوادث اللازمة له على تقدير الاستعمال اكثر مما يلزمه من الحوادث اللازمة له مع كونه مشتركا معنى على تقديره (٢) ففيه :
___________________________
(١) أنظر الهامش الآتي .
(٢)
منية اللبيب ، مخطوط : في الفصل الثامن في تعارض الاحوال : في مقام عدّ وجوه الاعتراض
على اولويّة المجاز ، واليك نصّه : الثاني : انّ المجاز يتوقف على الوضع الاوّل ، والنقل ، والعلاقة ،
والمشترك لا يتوقف إلّا على الاوّل
=