أنه . . لا يخفى أنّ القضية حينئذ تقديرية ، والاصول لا تجري في القضايا التقديرية ، لا في لوازمها ، إذ لا يعقل نفي اللازم مع فرض ملزومه الذي هو العلة لاستحالة الانفكاك بينهما ، ولا في ملزوماتها ، لأنها فرض وجودها ، ولا معنى لنفي الوجود الفرضي ، ولم يدع وجودها فعلا حتى يُنفىٰ بالاصل .
وإن كان المراد بيان حال المعنى ، مع فرض الاستعمال الفعلي للّفظ ، بأن يكون الغرض تعيين الاستعمال بالأصل ، ثم تعيين المعنىٰ تبعا لتعيين الاستعمال ، فله وجه ، لأنه ينقل حينئذ إلى قاعدة اخرى ، وهي أنّه إذا سقط الأصل في الملزوم فهو جار في لازمه ، فإذا فرض فيما نحن فيه أن اللّفظ استعمل في المعنيين ، لكن لم يعلم أنه على سبيل الاشتراك اللّفظي ، او الحقيقة والمجاز ، او على سبيل الاشتراك المعنوي ، وأنّ الحوادث المخالفة للاصل على الاحتمال الأخير أقلّ منها على الأولين ، فلا ريب أنّه لا يجري في خصوص الاستعمال ، لأنه في كل واحد من الاحتمالات معارض بمثله في الاۤخر ، إذ كما يقال الأصل عدم الاستعمال على نحو الاشتراك اللّفظي او المجاز ، فكذلك يقال : الأصل عدم الاشتراك المعنوي فاذا سقط الأصل في الملزوم الذي هو الاستعمال ، فيجري في لوازمه فيتعين بالأصل الاستعمال الذي هو أقل حادثاً من غيره ، فيصح تبعاً حال المعنى من اشتراك اللفظ فيه معنى ، لأنه الذي لو استعمل اللفظ ـ على تقديره ـ يكون أقل حادثا . هذا توجيه الوجه المذكور بناء على الاحتمال الثاني .
وفيه أنه مع تسليم الصغرى ، أعني كون الاستعمال على تقدير الاشتراك أقل مؤنة وحادثاً منه على تقدير غيره ، الكبرى مسلمة أعني جريان الأصول في اللوازم ، والحوادث الزائدة على تقدير غيره ، لكن الصغرى ممنوعة من وجهين :
الأول : ما ذكره صاحب المعالم (١) قدّس سرّه ، من أن المجاز على تقدير الاشتراك المعنوي أكثر منه على تقدير كون اللّفظ حقيقة في أحد المعنيين ومجازاً في الآخر ، فإنه على التقدير الثاني منحصر في الواحد ، وعلى الأوّل متعدد ، لأن كل واحد من المعنيين المستعمل فيهما اللّفظ يصير معنى مجازياً للّفظ حينئذ ، فيتعدد المجاز المخالف للأصل فيصير أكثر .
___________________________
=
منها وهو الوضع فكان اولى .
(١) قال صاحب المعالم : ٤٥ ، فالتجوّز اللازم بتقدير الحقيقة والمجاز اقل منه بتقدير المشترك لانّه في الاوّل مختصّ بأحد المعنيين وفي الثاني حاصل فيهما .