ومدلولين ومطلوب واحد ، فإن المطلق مستعمل في الطبيعة ، وأريد الخصوصية ـ أعني خصوصية الأفراد الشائعة ـ من الخارج عن اللفظ ـ وهو الغلبة ـ .
الثالث : التوقف بمعنى أنّ غلبة إرادة الأفراد الشايعة من المطلَقات أوجبت فيها الإجمال ، وأسقطتها عن ظهورها في الطبيعة المعرّاة ، لكن لمّا كانت الأفراد الشائعة متيقنة الدخول في المراد ، فحمل المطلق عليها لذلك ، لا لظهوره فيها .
فإذا عرفت الأقوال فلا ريب أنّ الإشكال المذكور لا يرد على الأخيرين :
أمّا على الثاني : فلكون المطلق ظاهراً في معناه الحقيقي ، وهو الطبيعة ، لا في الأفراد الشائعة ، وإنّما دل عليها بدال آخر .
وأمّا على الثالث : فلأنه لا ظهور حتى يرد النقض به ، فينحصر وروده في الأوّل ، وحينئذ فالجواب نظير ما مرّ سابقاً من المحقق القميّ ( قدس سره ) وهو أنّ التبادر ـ حينئذ ـ مستند إلى الغلبة لا إلى جوهر اللفظ .
تنبيه :
يرد على القول الثاني في المطلقات : أنّه إذا فرض استعمال المطلقات في الطبايع المطلقة دائماً ، وأنّ خصوصية الأفراد الشايعة تفهم من الخارج ، فهذا ينافي ما نجد من كون كثير من المطلقات منقولة إلى الأفراد الشايعة بغلبة الاستعمال ، فإن الاستعمالات المحصِّلة للنقل لا بد أن يلاحظ فيها خصوصية المعنى المجازي .
ويمكن الجواب عنه : بأنّ ذلك في المجازات المباينة للمعاني الحقيقية ، وأمّا إذا كانت من قبيل الكلي والفرد ، فلا يشترط فيها ذلك ، بل يمكن حصول النقل بكثرة إرادتها عند إطلاق اللّفظ ، وان لم تكن مرادة من حاقّ اللّفظ .
ثم إنّ هاهنا تنبيهات :
الأوّل : في تحقيق الحال في المجاز المشهور ، وفيه مقامات أربعة :
الأوّل في تعريفه .
والثاني في إمكانه .
والثالث في وقوعه .
والرابع في ذكر الأقوال فيه بما لها من الاستدلال .
أمّا تعريفه : فهو أنّه ( هو اللفظ المستعمل في المعنى المجازي إلى حد تمنع كثرة استعماله فيه من ظهوره في إرادة المعنى الحقيقي عند التجرد عن القرينة بما كان له من الظهور قبل وصول استعماله إلى هذا الحد ) .