الأوّل : إنّ نظرهم في النقض إنّما هو الى التبادر الابتدائي ، وهو حاصل في المجاز المشهور ، ونظرهم في التوقف إلى معارضة جهة الوضع . ولا يخفى أنّ هذا المقدار من التبادر ـ في المجاز المشهور ـ يكفي في النقض ، لعدم تقيد التبادر ـ الذي هو علامة الوضع ـ بعدم معارضته لمثله .
الثاني : أَنّ نظرهم في النقض الى حال الغفلة عن الوضع ، وفي التوقف إلى حال الالتفات إليه ، فان هذا المقدار ـ أيضاً ـ يكفي في النقض ؛ لعدم تقيد التبادر بحصوله للملتفت إليه . فافهم .
التنبيه الثاني : إنّ التبادر ، كما يعمل في تشخيص المعنى المطابقي ، كذلك يعمل في حدوده ولوازمه ، بمعنى أنّه يرجع إليه في تشخيص أنّ ذلك المعنى المطابقي إلى حدٍّ ومرتبة يلزمه هذا اللازم ، أو إلى دون ذلك الحد ، فلا يلزمه ، وذلك كما في مسألة الأمر ، ومسألة مفهوم الشرط والغاية ، فان المشهور والمختار ـ خلافاً لصاحب المعالم قدس سره ـ أنّ الأمر موضوع لمعنى بسيط ، وهو الإلزام .
لكنهم اختلفوا في أنّ ذلك الإلزام إلى حد يلزم المنع من الترك ، الذي هو معنى الوجوب أو لا ، فلا يكون للوجوب .
فادّعى القائلون بالوجوب تبادر المنع من الترك من الأمر ، فأثبتوا به كون الأمر موضوعاً لهذا الحدّ من الإلزام .
وكذا نراهم ـ بعد اتفاقهم على إفادة الجملة الشرطية تعليق الوجود على الوجود ـ اختلفوا في أنّ هذا المعنى المطابقي إلى أيّ حد ، فهل هو على حدّ العليّة ، فيلزم منه الانتفاء عند الانتفاء أيضاً ، أو ليس على هذا الحدّ ، بل يكون لمجرد ربط الوجود على الوجود ، فلا يلزمه الانتفاء عند الانتفاء ؟
ثم إنّه قد يستشكل في ذلك ، بأنّ وجوب المقدمة ـ على القول به ـ لازم لوجوب ذيها ، الذي هو المعنى المطابقي للأمر ، وكذلك النهي عن الضد ـ على القول به ـ مع أنّ أحداً من المثبتين لم يتمسك بالتبادر ـ في واحدٍ من المقامين ـ على إثبات هذين اللازمين لمعنى الأمر ، فيكشف ذلك عن عدم اعتبار التّبادر في إثبات اللوازم والحدود .
وقد يجاب عن ذلك تارة بأنّ اعتبار
التّبادر ـ في إثبات اللازم ـ إنّما هو إذا كان اللازم من اللّوازم البيّنة للمعنى المطابقي ، والوجوب أو النهي عن الضد ليس
من تلك اللوازم واُخرى بأنّ التبادر المعتبر إنّما هو فيما إذا كان اللازم من لوازمه
الوضعية لا