وأوضحه المير سيد شريف ـ في حاشيته عليه ـ مع طرده الدور في علامة الحقيقة أيضاً ، بأنّ المراد ـ بصحة السلب وعدمها ـ ليس صحة سلب اللّفظ عن المعنى ، ولا صحة سلب المعاني المجازية ، ولا الأعم ، بل المراد صحة سلب المعنى الحقيقي ، ولما كان سلب البعض وعدمه لا يكفيان في تعيين الحقيقة والمجاز ، فالمراد صحة سلب جميع المعاني الحقيقية ، ولا ريب أنه يتوقف على أن المورد ليس منها ، وكذا عدم صحة سلب الجميع عن مورد يتوقف على أن المورد منها ، فيلزم الدور في علامة الحقيقة مصرحاً ، وفي علامة المجاز مضمراً بواسطتين (١) .
والظاهر أن الوجه ـ في عدّ السيد الدور مصرحاً في علامة الحقيقة ، ومضمراً بواسطتين في علامة المجاز ـ هو أنّ معرفة كون المعنى المبحوث عنه مجازاً متوقفة على صحة سلب جميع المعاني الحقيقية عنه ، ومعرفة ذلك متوقفة على معرفة أن ذلك المعنى ليس منها ؛ لاحتمال أن يكون سلب المعاني الاُخرى الحقيقية عنه من باب سلب بعض المعاني الحقيقة للمشترك عن بعض ، ومعرفة هذا موقوفة على العلم بكونه مجازاً ، فلزم الدور بواسطتين . هذا في علامة المجاز .
وأما في علامة الحقيقة فبيانه : أَن معرفة المعنى المبحوث عنه ، والعلم بكونه حقيقة موقوفة على عدم صحة سلب بعض المعاني الحقيقية عنه ، ومعرفة ذلك موقوفة على معرفة كونه حقيقة ، إذ لولاها لما علم أن عدم صحة السلب بعنوان الحقيقة ، فلا يثبت بها الحقيقة .
هذا ، ولكنه لا يخفى ما فيه وتوضيح الإشكال فيه يحصل من رسم مقدمة :
وهي أنّ الدور في الأصل مصدر ( دار ، يدور ) إذا سار مستديراً كسير الرّحى ، وفي الاصطلاح يطلق على معنيين :
___________________________
=
بعض فإذن لا تعرف صحة سلبه إلّا إذا علم انه فيما استعمل فيه مجاز فاثبات كونه مجازا به دور ، ووروده على الحقيقة أظهر .
(١) الحاشية على شرح المختصر ، مخطوط ، عند قوله : الاعتراض توجيه ان يقال ليس المراد بصحّة السلب صحة سلب اللفظ من حيث هو عن المعنى لصحّة سلب الألفاظ من حيث هي ألفاظ عن معانيها الحقيقيّة كأن يقال للأسد : إنّه ليس بأسد أي ليس بهذا اللّفظ بل صحّة سلبه بحسب معناه ولا يراد سلب جميع المعاني لان معناه مجازاً لا يمكن سلبه قطعاً لادائه إلى سلب الشيء عن نفسه بل سلب ما هو معناه حقيقة ولا يراد سلب بعض المعاني الحقيقيّة فإنّه لا يفيد كما في المشترك بل سلب جميعها ولا يعرف صحة سلب جميع ما هو معناه حقيقة عن المعنى المفروض إلّا إذا علم أن اللفظ فيما استعمل فيه أي في المعنى المفروض مجاز فإثبات كونه مجازا بعرفان صحّة السلب دورٌ مضمرٌ بواسطتين .