حمل كلامه على تحقق الواسطتين في هذا الدور المضمر ، لَتأبّى عنه ما ذكره في حاشيته على الحاشية (١) ، حيث قال : هذا إذا سلم أن العلم بأنه ليس شيئاً من المعاني الحقيقية يتوقف على العلم بكونه مجازاً ، وأمّا إذا قيل : لا توقف هناك ، بل الأول مستلزم للثاني ، إذ المفروض استعمال اللّفظ في ذلك المعنى ، أو جواز استعماله ، فاذا علم أنه ليس شيئاً من المعاني الحقيقية ، فلا بد أن يعلم كونه معنى مجازياً ، فالدور مضمر بواسطة واحدة ، لكن بيانه يتوقف على اعتبار واسطة اُخرى ، هي العلم بأنه ليس شيئاً من المعاني الحقيقية ، ليظهر العلم بكونه مجازياً .
أقول : لا يخفى بعد المساهلة في تسمية الدور المصرح مضمراً بواسطة واحدة ، أنّه بعد إسقاط الواسطة المذكورة لا يتم الدور ؛ إذ كما أمكن منع توقف العلم ـ بكون هذا المعنى ليس شيئاً من المعاني الحقيقية ـ على العلم بكونه مجازياً ، كذلك يمكن منع توقف العلم ـ بصحة سلب جميع المعاني الحقيقية ـ على العلم بكونه مجازياً ، والسند السند بعينه ، إنتهى كلامه .
أقول : يمكن توجيه كلام السّيد الشريف (٢) في التزامه بأنّ الدور مضمر في علامة المجاز بواسطتين بما أشار إليه ملّا ميرزا جان (٣) بقوله : ولو حمل كلامه على تحقق الواسطتين .
وتوضيحه : أنّه يحمل كلامه على الدّور المصطلح ، بمعنى توقّف صحّة السلب على معرفة المجاز التي هي تتوقف عليها ، فيوجّه كلامه ، بأنّ مراده من قوله : بكون الدور مضمراً بواسطتين أنّه مضمر بسبب تحقق واسطتين إحداهما للدور المصرح وهي معرفة صحة سلب جميع المعاني الحقيقية ، والاُخرى للدور المضمر ، وهي معرفة أنّ المعنى المبحوث عنه ليس شيئاً منها .
فعلى هذا لا يورد عليه بعلامة الحقيقة ، فإنّ الواسطة فيها واحدة ، هي معرفة عدم صحة سلب بعض المعاني عن المعنى المبحوث عنه ، وليست هي متوقفة على واسطة اُخرى غير توقفها على معرفة أنّه المعنى الحقيقي ، حتى يثبت واسطتان .
ولا يرد عليه ـ أيضاً ـ أَنّ معرفة كون المعنى ليس شيئاً من المعاني الحقيقية ملازمة لمعرفة كونه مجازاً ، لا متوقفة عليه فإنّهما يردان عليه بناء على كون المراد بالواسطتين :
___________________________
(١) قد تقدم ذكر جميع عبارته في الهامش الأول من الصفحة السابقة .
(٢) قد تقدم ذكر عبارته في أول ص ٩٥ .
(٣) قد تقدّم نصّ جميع كلامه في متن الكتاب ص ٩٨ ـ ٩٩ .