على وجه يعمّ جميع أفراده الأزمانيّة وغيرها يكون (١) الترك ـ أيضا ـ كذلك ، فيكون المراد بالنهي المنع من ترك الفعل بجميع أفراده زمانية وغير زمانية ، وإن اعتبر في جانب الأمر على وجه يتحقّق امتثال الأمر المتعلّق به بإيجاد فرد واحد منه فيكون الترك ـ أيضا ـ كذلك ، والأمر بالشيء إنّما يستلزم النهي عن تركه على وجه امر به لا مطلقا ، فإنّ إيجادات شيء إنّما تقتضي نفي نفي ذلك الشيء على وجه اعتبر في الإيجادات ، وهذا معنى ما يقال ـ في دفع التمسّك بأنّ النهي للدوام ، فيكون الأمر كذلك ـ من أنّ النهي الّذي للدوام هو النهي المستقلّ لا الضمني ، فإنّه تابع للأمر.
وكيف كان فالظاهر المتبادر عرفا من النهي إنّما هو عموم الترك بالنسبة إلى أفراد الطبيعة المنهيّ عنها مطلقا زمانية وغير زمانية ، وقد عرفت أنّ ذلك ليس من جهة اقتضاء الصيغة وظهورها في ذلك ، فحينئذ هل هو من وضع المادّة ـ بمعنى أنّها موضوعة للطبيعة على الوجه الأوّل ـ أو من جهة شاهد خارجي وقرينة عامّة لازمة للفظ في جميع الموارد على اعتبار الطبيعة على الوجه الأوّل ـ بمعنى أنّ معنى المادّة ليس إلاّ نفس حقيقة الفعل بنحو ما عرفت ـ فلا يستلزم النهي عن الطبيعة على هذا الوجه العموم المذكور ، وإنّما قامت قرينة من الخارج على اعتبار زائد في معنى المادّة واعتبارها على الوجه الأوّل ، فيفهم الاستلزام حينئذ لذلك؟
الظاهر في بادي الرّأي هو الثاني ، فإنّ الظاهر أنّ مصادر الأفعال وضعت ـ مجرّدة عن اللواحق والطوارئ اللفظية ـ لحقائق الأفعال على الوجه الّذي عرفت ، كما أنّ الظاهر في جميع أسماء الأجناس ذلك ، فإنّها ـ أيضا ـ موضوعة كذلك لحقائق معاينها على الوجه المذكور ، فهل اللفظ في المصادر وغيرها من
__________________
(١) في الأصل : فيكون ...