من تلك الطرق أو الأمارات ـ ولو نوعا ـ بالواقع مطلقا.
وبعبارة أخرى : الأمر الظاهري ما تعلّق بالمظنون كونه واقعا أو مشكوكه على أنّه هو الواقع في مرحلة الظاهر مع بقاء الأمر الواقعي على تقديره على حاله ، سواء كان مصادفا لذلك المظنون أو المشكوك ، أو لا ، ولذلك يقال : إنّ الأوامر الظاهرية مرايا للواقعيّة.
ثمّ إنّ تحقّق الأمر الظاهري ـ في موارد الأصول العملية الشرعية أو الطرق والأمارات كذلك ـ واضح.
وأمّا في موارد الأصول العقلية ـ كأصالة البراءة من جهة اعتبارها من باب العقل ، وأصالة التخيير عند دوران الأمر بين المحذورين ، والطرق العقلية كالظنّ عند انسداد باب العلم بالواقع ، وكذلك القطع أيضا إذا لم يصادف الواقع ففيه إشكال ، بل الظاهر عدمه ، فإنّ غاية ما في تلك الموارد إنّما هي معذورية المكلّف وقبح المؤاخذة عليه ، وأمّا أمر الشارع بمؤدّاها فلا يدلّ عليه نقل ولا عقل ، فلا تغفل.
ثمّ إنّه ظهر : ممّا مرّ في بيان معنى الأمر الواقعي الثانوي والظاهري أنّهما تنزيلان من الشارع لمتعلّقهما منزلة متعلّق الأمر الواقعي الأوّلي إمّا واقعا كما في أوّل ذينك ، أو في مرحلة الظاهر كما في ثانيهما ، فإنّ أمر الشارع بالصلاة مع التيمّم عند العجز عن الوضوء ـ مثلا ـ وكذا أمره بها مع الطهارة المستصحبة أو الثابتة بالبيّنة ـ مثلا ـ ليس معناه إلاّ جعل هاتين بدلين عن الصلاة مع الطهارة الواقعية ـ حال العذر أو الجهل ـ واقعا كما في أولاهما ، أو ظاهرا كما في ثانيتهما ، مع بقاء الأمر الأوّل على حاله ، وإنّما أوجب اختلاف أحوال المكلّف اختلاف مراتب امتثاله ، وليس معناه ارتفاعه وكون الأمر الثاني أمرا حادثا متعلّقا بشيء آخر بعد ارتفاعه ، فلا أمر في شيء من تلك الأحوال المختلفة ـ التي عليها مدار الامتثال واختلاف مراتبه ـ إلاّ ذلك الأمر ، فكأنّ المأمور به بذلك الأمر