الأعذار في أوامر أولي الأعذار فتعيين أحد تلك الوجوه موكول إلى الرجوع إلى الأخبار الواردة فيهم المتضمّنة لأوامرهم بتلك الأبدال في تلك الحال ، وملاحظة أنّ ظاهر تلك الأوامر أيّ منها ، ولعلّنا نتعرّض له فيما بعد على وجه الإجمال ـ إن شاء الله ـ مع التعرّض لما تقتضيه القاعدة على فرض تطرّق الاحتمال في تلك الأخبار ، فانتظر.
الثالث : في مؤدّى الطرق والأصول العملية الشرعية منهما والعقلية ، فهاهنا موضعان :
الأوّل : في العمل بمؤدّى الطرق والأصول العقليتين ، فنقول :
لا شبهة في عدم الإجزاء إذا عمل بمقتضاها بعد انكشاف الخلاف ، ضرورة أنّ حكم العقل بالعمل على طبقها إنّما هو إرشادي محض وإرادة لطريق الامتثال بعد انحصار المناص فيها وعدم طريق للامتثال سواها.
وبعبارة أخرى : إنّه بعد ما انحصر طريق الامتثال فيها ـ بأن لا يكون طريق له سواها أصلا ، أو كان لكنّها أقرب منه ـ فالعقل يحكم بأنّه لا بدّ للمكلّف [ من ] جعل هذه طريقا في امتثال تكاليف الشارع ، وأنّه يقبح على الشارع المؤاخذة على العمل بمقتضاها إذا أدّت إلى مخالفة الواقع ، لا أنّه يجب عليه الأمر بالعمل بها في تلك الحال حتّى يكون هذا أمرا شرعيا واقعيا ثانويا أو ظاهريّا ، فلا يستلزم حكم العقل على هذا الوجه أمرا شرعيا بالعمل بها ولا يستكشف به عنه بوجه ، بل لو أمر الشارع حينئذ بالعمل بها فإنّما هو إرشادي محض مطابق لحكم العقل ، كما لا يخفى ، فيكون وجوده كعدمه لأنّه لا يحصل به أزيد مما يحصل بدونه ، فعلى هذا إذا عمل بها المكلف فغاية ما يترتّب عليه إنّما هو معذوريته ما لم ينكشف الخلاف (١).
__________________
(١) في الأصل : .. معذوريّته إلى ما لم ينكشف الخلاف.