حجّيّة أصالة العدم لو لم يرجع إلى الاستصحاب ، ومعه ليس وجها آخر ، وعدم الدليل لا يصلح في المقام للاستناد إليه بعد إحراز تكليف محقّق في ذلك الوقت لا بدّ من الخروج عن عهدته مع الشكّ في كون المأتيّ به مبرئا عنه ، فافهم وتأمّل ، والله الهادي.
وينبغي التنبيه على أمور :
الأوّل : قد عرفت أنّ محلّ الكلام في مسألة الإجزاء بالنسبة إلى الأوامر الظاهرية إنّما هو ما إذا انكشف مخالفة متعلّقاتها بعد الإتيان بها للواقع ، وأنّ البحث عن حكم صورة انكشاف الخلاف ظنّا خارج عنها.
لكن لا بأس بالتعرّض لتحقيق الحال في حكم تلك الصورة على نحو الإجمال ، والغرض منه هنا إنّما هو توضيح المقال فيه مع قطع النّظر عن انضمام حكم الحاكم [ إلى ] الفتوى (١) الأولى ، وأمّا حكم صورة الانضمام فمعرفته موكولة إلى المباحث الآتية ـ إن شاء الله تعالى ـ من مباحث الاجتهاد والتقليد ، فنقول :
إذا اجتهد الفقيه في مسألة فأفتى فيها بحكم معتمدا على أحد الطرق التعبّدية الشرعية ، أو العقلية كالقطع والظن عند انسداد باب العلم ، فعمل هو أو أحد من مقلّديه بذلك الّذي أفتى به ، ثم تبدّل رأيه ذلك إلى نقيضه ظنا ، فلا إشكال ولا خلاف ظاهرا في وجوب بنائه وبناء مقلديه [ عليه ] إذا أرادوا تقليده حينئذ أيضا ، أو تعيّن عليهم تقليده في العمل ـ من حين التبدّل إلى ما بعده بالنسبة إلى الوقائع الحادثة المتأخّرة عن ذلك الحين ـ على الّذي أفتى به ثانيا ، وإنّما الخلاف في الأعمال الواقعة على مقتضى الفتوى الأولى إلى حين التبدّل من جهة وجوب نقض آثارها وعدمه :
__________________
(١) في الأصل : بالفتوى ..